«آنا دي» ليست صحافية أمريكية، ولا تنتمي لأية صحيفة، هذا ما قالته «مونيكا لي» مديرة العلاقات العامة في صحيفة «هافنغتون بوست».إذاً من تكون؟وحدة.. وحدة..«آنا دي» دخلت المملكة بصحبة ثلاثة أمريكيين، بتاريخ 11 و12 فبراير الجاري، بعد أن قدموا معلومات مغلوطة للجهات المعنية، حيث ادعوا بأنهم قد قدموا إلى البحرين بغرض السياحة، وقامت بعمل تغطية وتصوير أفلام لأعمال العنف والتخريب التي شهدتها سترة، في الوقت نفسه، ضبطت الشرطة أحد رفقائها وكان ملثماً يشارك مجموعة من المخربين أعمال شغب وتخريب واعتداء على رجال الأمن.لا أدعي بأنني أفهم في القانون، ولكن من الواضح أن القضية المشكلة ضد «آنا دي» ورفاقها، من ثلاث تهم:أولاً: انتحال شخصية صحافي على خلاف الحقيقة.ثانياً: الإدلاء بمعلومات كاذبة لجهات رسمية، يدخل ضمن طرق التزوير المؤثمة.ثالثاً: المشاركة في أعمال تخريب وعنف واعتداء على رجال الشرطة، تصنف ضمن القانون الأمريكي، بأعمال إرهابية. طيب، نرجع لأهم سؤال طرحناه منذ بداية المقال، إذا كانت «آنا دي» ورفاقها ليسوا صحافيين، فماذا يكونون؟ وماذا كانوا يهدفون من دخولهم للبحرين؟تأمل التقرير التالي حتي تعرف إجابة هذا السؤال: في مارس 2012، كشفت الوثائق الاستخبارية التي نشرها موقع «ويكيلكس» أن العديد من شركات الاستخبارات والأجهزة الأمنية العالمية تستخدم عمل الصحافيين للتغطية على نشاطات عملائها، بالإضافة لتجنيد العديد من الصحافيين للعمل لصالحها.وأشارت الوثائق المسربة لشركة «ستراتفور» الاستخباراتية عن تجنيدها للعديد من العملاء في العالم كالمراسلين والصحافيين وموظفي شركات وغيرها، وزرع شبكة من الجواسيس حول العالم في الشركات والحكومات والسفارات مستخدمة أساليب قذرة في التجنيد كالمال والجنس والضغط، ومن أسماء المخبرين للشركة في العالم، صحافيين ومستشارين عرب.إلى هنا ينتهي التقرير، لكن نأتي إلى التعليق ونبدأ بما قاله الكاتب الأمريكي جاستن رايموند فى مقال له نشره موقع «Antiwar.com» حيث يعترف بأن الولايات المتحدة متورطة بالطبع في السياسات الداخلية لجميع الدول تقريباً ولديها وكالة رسمية تقوم بأمور التدخل هذه، وهى «مؤسسة الوقف الوطني الديمقراطي» التي تأسست عام 1984، ويستعرض الكاتب الأمريكي الدور الذي قامت به منظمة الوقف الأمريكي في إسقاط حكومة نيكاراجوا وتمويل عدد من الأحزاب المعارضة، ويصف الكاتب منظمة الوقف الأمريكي بأنها سلاح في ترسانة الأسلحة الأمريكية المصممة لفرض تغيير أنظمة الحكم في الدول التي تعتبرها غير متحمسة بما فيه الكفاية لأن تصبح أو تظل تحت الوصاية الأمريكية، الأكثر أن هذه المنظمة الأمريكية لا يقتصر نشاطها على الدول التي تشك في قبولها للوصاية الأمريكية وإنما تمتد للدول الحليفة للولايات المتحدة مثلما حدث في فرنسا.ولكن لماذا تفضل أجهزة الاستخبارات الأمريكية الصحافيين؟!ذلك بسبب الحرية التي يتمتع بها الصحافي في عمله ميدانياً، حيث تفترض تلك الأجهزة الاستخبارية أن لدى الصحافي قدرة على الوصول للمعلومات التي تحتاجها دون أن يكون هناك أي ملاحقة قانونية أو شك من قبل الأطراف المتجسس عليها.وهذا بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية، تحديداً، أبان الانتخابات الرئاسية في زيمبابوى 2013 حيث ذكرت حينها سلطات الأمن في «هرارى» أنها بدأت مطاردة مجموعة من الجواسيس البريطانيين والأمريكيين يشتبه في أنهم دخلوا البلاد خلال الأيام القليلة الماضية بحجة السياحة من أجل إحداث اضطراب سياسي في البلاد عقب الانتخابات الرئاسية، وقال وزير الشؤون الداخلية جون نكومو إن «هؤلاء الأشخاص خدعوا أفراد أمننا على الحدود بالادعاء بأنهم سياح لدى دخولهم البلاد بينما هم في الحقيقة جاؤوا إلى هنا للقيام بأمور أخرى».وبالتأكيد البعض منكم يذكر شبكة التمويل الأمريكية التي قبض عليها في إحدى فنادق القاهرة في أكتوبر 2012، وعرفت حينها بـ «قضية التمويل الأجنبي»، والتي قضت فيه المحكمة المصرية بالسجن من سنة إلى 5 سنوات على 43 متهماً بينهم 19 أمريكياً هم «جون جورج توماسزيويسكي وصامويل أدامز لحود وكريستيان إنجيل وشيرين ساهاني نانت وجولي هوجز ورضا خضر عبدالهادي وستيسي لين هاج وليلا وديد جعفر وميجانا كوفاييفى ودونالد بلوم وإلمدين كورتوفى وبودامير ميلى وكريستينا مارجريت وأندريس يعقوب ولارى شوارتز»، وقد دفعت الولايات المتحدة حينها كفالة نحو 4 ملايين دولار لإطلاق سراح موظفيها الجواسيس، وفور إطلاق سراحهم، تم نقلهم من أمام المحكمة في مدرعة عسكرية، وتحت حراسة أمنية مشددة إلى مطار القاهرة، حيث كانت في انتظارهم طائرة عسكرية أمريكية أقلتهم إلى قبرص ومنها إلى واشنطن.