باتت دول المنطقة تمسك بطبول الحرب، وكلّ بدأ يكثِّف من وجوده العسكري في الإقليم، والمشهد الختامي لهذه المظاهر هي الحرب ولا شيء سواها. الحوارات والتفاهمات والطاولات والبرتوكولات وكل أنواع الدبلوماسية لن تجدها في ثنايا الشرر المتطاير من كل الدول التي تعتزم أن تدخل الحرب، فحين تعلو لغة القنابل والمدافع ستختفي بقية اللغات الأخرى.مع الأسف، لو وقعت الحرب الكبرى في المنطقة «لا قدر الله»، فإن من سيقوم بها نيابة عن الدول الكبرى هي جيوش الدول العربية والإسلامية، فالولايات المتحدة الأمريكية لن ترسل جندياً واحداً لهذه الحرب، أما روسيا فإنها ستكتفي بإرسال أسلحتها وإرسال صواريخها العابرة للقارات دون إرسال جندي واحد إلى أرض المعركة. إنها حرب الوكالات بعيداً عن الدبلوماسية والمواجهات المباشرة بين الكبار.الحرب مشكلة، لكن ليست هي كل المشكلة، فالمشكلة الكبرى تكمن في طريقة التعاطي من طرف الدول العظمى مع مقدمات الحرب وتعاطيها السلبي مع الأحداث والدول المعنية بهذه الحروب والأزمات، فكل من أمريكا وروسيا والغرب تفاهموا قبلنا حول طريقة إدارة هذه المعركة، حيث إنهم لن يقبلوا أن يموت جندي من جنودهم أو يتأثر أي منهم بتبعاتها لو نشبت، فتأمين مصالحهم هو ما يحدد شكلها وطريقتها وانطلاقتها، لنجد بعد ذلك كله أن الشرق الأوسط أصبح قاعاً صفصفاً يخلو من كل مظاهر الحياة.نحن وإن كنَّا لا نؤمن بنظرية المؤامرة في غالب الأحيان، لكن ما يجري اليوم من أحداث خطرة في الشرق الأوسط يشي بالكثير من التآمر على دولنا وشعوبنا، وهذا يجب أن يكون في اعتبارنا منذ هذه اللحظة، فالحرب لو وقعت لن تكون كبقية الحروب السابقة، ولن تستخدم أمريكا وروسيا والدول الغربية منهجاً كلاسيكياً في إدارة هذه الحرب، بل ستكون الأسلحة والنظم الحربية وبقية الاستراتيجيات القتالية كلها وفق أحدث طراز، وسيكون للأسلحة التكنولوجية والبيولوجية دورهما الحاسم في نهاية هذه المعركة المرعبة.ما يثير حفيظتنا اليوم، هو أن الدول الكبرى التي تحرِّض على الحروب بهذه الطريقة المكشوفة، هي نفسها التي لن تساهم فيها سوى بالسلاح دون الرجال، وستكون جغرافيا المعركة دولنا وليست دولهم، والانهيار سيكون من علامات النفط لدينا وتنشيط مصانع وتجارة السلاح لديهم، ومن سيدفع فاتورة الحرب الأوسطية القادمة هي دولنا وشعوبنا وليست دولهم وشعوبهم، ومن هنا يجب على العرب أن يحذروا من كل أشكال الخداع العالمي، وألا ينخدعوا بالدول الكبرى كلها، فهي دول تفتش عن مصالحها في كل الأحوال، والحروب حالة من أحوال كثيرة قد تظل فيها تلكم الدول باقية وتتمدد على حسابنا ووجودنا في المنطقة، فهلا تساءلتم يوماً، لماذا نحن وليس هم؟