حضرت لقاءات عديدة لوزير الداخلية معالي الشيخ راشد بن عبدالله الخليفة وكانت تتسم دوماً بالصراحة والوضوح والمكاشفة، لكن درجة المصارحة التي تكلم بها هذه المرة كانت أشبه بمقالات من سموهم بـ«المؤزمين» أمثالنا!!!هناك من أقنع البعض بأننا في مرحلة لا يخدمها الخطاب المؤزم، وسمة هذا الخطاب كانت في ذكره للخيانة والتآمر والولاء المزدوج والتدخلات الإيرانية وووو.. راجع مقالات كتاب الوطن وأخبار الخليج والأيام ستجدهم كلهم مؤزمين!! إنما بالأمس حفلت كلمة وزير الداخلية بما تقوله تلك المقالات «المؤزمة» فبالأمس كان معالي وزير الداخلية يتكلم وهنا اقتبس: «إيران عملت على تأسيس ولاءات سياسية بالبحرين تمكنها من تحقيق الغالبية النيابية الموالية لها كما هو الحال في عدد من الدول العربية». «الصراحة» أقوى من أي مقال «تأزيمي» وأرفع له القبعة على هذه الدرجة من الصراحة. «إغواء من رخصت وطنيتهم وتشجيعهم ضد مصلحة بلدهم وهو ما يعرف بالخيانة الوطنية». نعم، خيانة وعظمى إن لم تعجبكم الأولى وها هو وزير الداخلية يستخدمها لأننا لا نعرف التلون وتسمية الأشياء بغير مسمياتها، وأحييك معالي الوزير على الوضوح.«من انضووا تحت العباءة الإيرانية وارتموا في أروقة السفارات هل يمكن أن يكونوا شركاء في الحياة الديمقراطية؟».«لا يمكن تبرير شعار إسقاط النظام ووضع صور المشانق والاعتداءات على المواطنين والمقيمين ورجال الأمن بأنها وسائل سليمة وحرية تعبير».مصطلحات كالخيانة وأروقة السفارات وكتل نيابية كانت ضالعة بهذه التهم، كل ذلك هو ما كنا نقوله من فبراير 2011 إلى اليوم دون توقف ودون تراجع ودون تلعثم ودون مراعاة لأي حساسية، فسيادة الوطن مسألة لا نزاع عليها ولا مساومة ولا جدال ولا تلون نلونه نخلع قناعاً ونلبس آخر وفقاً لاتجاه الموجه، لا نعرف «نصير حليوين» ونسمي الأشياء بغير مسمياتها.مرت على البحرين فترات أرادوا لنا أن ننسى ما حدث وأرادوا أن يجعلوا ما حدث مجرد سوء فهم أو اختلاف في وجهات النظر، واعتبر من يورد عبارات كالخيانة والخونة مؤزمين لا يريدون المصالحة ولا يريدون المصلحة الوطنية، بل إن بعضهم قال إن الذين يصرون على هذه العبارات يريدون أن يستفيدوا هم شخصياً وتبقى مرحلتهم مزدهرة!! ويرون أن لكل مرحلة ناسها والآن انتهت «الحرب» على الإرهاب وانتهت الأزمة ويا الله ننسى، فلا تذكرونا بما حدث ولا تذكروا المشانق ولا تذكروا «الكرين» الذي نصب، وامحوا من ذاكرتكم «باقون حتى يسقط النظام» وقوائم العار ولا تذكروا لقاءات السفارات وتآمر المتآمرين، ويا الله ننسى، ولا أحد يتذكر 21 فبراير!!خطاب وزير الداخلية اليوم فرمل هذا التوجه، واصطف خطاب معاليه مع خطاب من سموهم مؤزمين، أي معنا، أي مع الشعب البحريني، أي مع من يريد أن تسير البحرين قوية بسنتها وشيعتها إنما دون أن ننسى، نتوحد شيعة وسنة بعد أن نتعلم مما حدث ونتدارس ما حدث ونتكاشف بما حدث، نقلب الصفحة إنما لا ولن يتم ذلك إلا بالتدارس والمكاشفة مع هذه المجموعة ومحاسبتها شعبياً كما يحاسبها القانون.21 فبراير مر بالأمس ومازالت رائحة ذلك اليوم عالقة في الأذهان وستبقى، خرجنا لنصرة البحرين وسنخرج ألف مرة لنصرتها، تصدى شعب البحرين للمؤامرة القذرة وسيتصدى بصدره لأي عدوان أياً كان مصدره غازياً كان من الخارج أو خائناً كان من الداخل.«استقرار الشعب البحريني يكمن في تمسكه بهويته الوطنية والتي ليست سنية أو شيعية وإنما الوطنية البحرينية» هذه كانت آخر العبارات في كلمة معالي وزير الداخلية.هذا ليس خطاب تأزيم، إنه خطاب الولاء والوطنية البحرينية الأصيلة، إنه خطاب شعب البحرين وخطابنا منذ 14 فبراير 2011 وحتى يومنا هذا، وسنظل عليه ما دام هذا «الخشم يشم الهوا». رأسنا مرفوع ونرفع به رايات البحرين... شكراً معالي الوزير.. شكراً بو عبدالله.