لعل من أخطر التحديات التي تواجه مملكة البحرين داخلياً في الوقت الراهن، هي قضية انتشار ظاهرة المخدرات في أوساط شبابنا مرة أخرى، هذه الآفة التي إن انتشرت في المجتمع فإنه لن يسلم من بشاعة تداعياتها الكثير من الأسر البحرينية المستقرة، إضافة إلى إضاعتها مستقبل هذا الجيل والأجيال القادمة.لا ينبغي التهاون مع هذه الظاهرة التي أصبحت ظاهرة عالمية، حيث إن القائمين على هذه الجرائم العابرة للقارات هم من العصابات الكبيرة والتي تمتلك الأذرع القوية في كل دول العالم، ولهذا فإن التحديات والضغوطات تزداد بشكل كبير على الأجهزة الأمنية، خصوصاً العاملين على المنافذ التي تعنى بالتدقيق على هذه السموم وعدم إدخالها من خلال شبكات التهريب، وذلك من أجل تطهير المجتمع نهائياً من هذه الآفة القاتلة، وإنزال أقصى العقوبات وأغلظها ضد كل من يتاجر بأرواح زهرات شباب الوطن ومستقبلهم، فالشباب هم الشريحة المستهدفة من طرف عصابات المخدرات المحلية والعالمية، ولهذا يجب أن تراقب الأسر أبناءها بشكل دائماً ومستمر، كما يجب على الجهات التعليمية زرع قيم الفضيلة ومحاربة كل الطرق المؤدية إلى هذا المسلك الخطير من خلال مناهج علمية وتربوية متقدمة، كما يجب على منظمات المجتمع المدني أن تساهم بشكل مباشر في هذه العملية الوطنية لإنقاذ شبابنا من الوقوع في براثن تجار المخدرات، كما لا يجب أن ننسى دور المجتمع عامة في مراقبة شبابنا واحتوائهم بطريقة متطورة وحضارية، من أجل وطن بلا مخدرات، إضافة إلى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تعنى بشؤون الشباب.لأهمية هذه المشكلة وتفاقمها في الأعوام الأخيرة، أكد معالي وزير الداخلية في كلمته الأخيرة على ضرورة تجنيب شباب الوطن هذه الآفة المدمرة، وأن الجميع مسؤولون بشكل مباشر في صون شبابنا من هذه الظاهرة الخطيرة جداً، وربما كانت كلمة وزير الداخلية اختصرت ما نريد أن نقوله هنا، حيث أكد الوزير قائلاً: «من الهواجس الأمنية والتحديات الخطيرة التي أريد أن أتوقف عندها والتي تستوجب مواجهتها من قبل الجميع، وأعني بالجميع كل مسؤول في الدولة، في الحكومة وخارجها، في العمل وفي المنزل، الكبير والصغير في السن، أنا أعني مواجهة خطر المخدرات بكافة أشكالها التي باتت تشكل تهديداً موجهاً ومدبراً لتدمير الشباب، حيث بلغ عدد الوفيات في السنوات الست الماضية 125 حالة وفاة بسبب المخدرات وهنالك أعداد كبيرة من الذين وقعوا ضحية الإدمان وهُم في أمسِّ الحاجة للمساعدة. أنا أطالب بتطبيق أقصى العقوبة «عقوبة الإعدام» التي حددها القانون على من يتاجر في المخدرات، إنهم أيها السادة والسيدات يقتلون المستقبل».نعم، نحن في حاجة ملحة لأن تتكاتف كل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وبقية أفراد المجتمع للقضاء على ظاهرة المخدرات ومحاصرتها قبل أن تتمدد، أمَّا من وقع منهم في شرك هذه الآفة، فإنه يجب علينا أن ندرس أسباب انتشارها في أوساط الشباب، ومعالجة كل مدمن قادته خطواته السيئة نحو عالم المخدرات المظلم، وذلك للخروج به من مأزق الإدمان إلى حيث الأمن والأمان، وهذا واجب علينا كلنا.
Opinion
وطن بلا مخدرات
24 فبراير 2016