حين كتبنا أن «الحشد الشعبي» أكبر كونفيدرالية عنف طائفي خارج مؤسسات الحكم في الوقت الراهن ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم أجمع، اطلع عليها في «تويتر» ما يقارب 18 ألف متابع. ولم تكن جملة لتأسيس شيء جديد بل توصيف لوضع خطير قائم. فمنذ قيامه، نظر العراقيون بكافة أطيافهم للحشد بوصفه خصماً وليس بوصفه شريكاً في الأمن. فقد كان إهانة مفتوحة للمؤسسات الأمنية العراقية واغتصاب لدورها، فقد وصل نفوذ «الحشد الشعبي» أن أغرى العصابات بارتداء زي «الحشد الشعبي» والقيام بفتح مقرات وهمية وخطف وقتل وابتزاز المواطنين، حيث راح في عسكرة الشارع العراقي بسرعة رغم أنه قد تم تشكيله بظرف طارئ، وانتفت ظروف وجوده بعد تكفل أكثر من تحالف دولي بحرب تنظيم الدولة «داعش»، مما يعني نهاية فتوى المرجع الديني علي السيستاني «بالجهاد الكفائي» لتحرير العراق من تنظيم الدولة. بل إن المرجع السيستاني نفسه أصدر قرار إدانة بحق «الحشد» تضمن 20 نقطة من التوجيهات بعد ممارسات منتسبي «الحشد» الإجرامية. وحين لم يجدِ ذلك نفعاً أوقف السيستاني خطبه تعبيراً عن امتعاضه من «الحشد» الذي واصل انتهاكاته محرجاً المرجعية. وفي تقديرنا لن يتردد «الحشد الشعبي» في خلق عدو جديد حين تتشتت جحافل «داعش». ولن يوقفه تصريح هزيل من بغداد بأنه يمنع حمل السلاح خارج إطار الدولة. كما لن يوقف «الحشد» بيان اتهامهم برفض المشاركة في العديد من المعارك. ولن يوقف «الحشد» إعلان تخفيض رواتب منتسبيه، أو قرار تسريح 30 % من قواته. فقد امتص «الحشد» بشكل مبالغ فيه الخصائص الجينية لـ «حزب الله» اللبناني، مما يعني أنه سيولد ظروفاً جديدة لبقائه مثل الحزب اللبناني ولن يلقي البندقية، بل إن أصواتاً قد بدأت فعلياً منذ الآن معتبرة نفسها في «جهاد مقدس» غير خاضع للسياسة. * بالعجمي الفصيح: بما أن الجنوب العراقي هو البيئة الحاضنة للحشد فسيكون غريمهم بعد «داعش» في الجوار الإقليمي، وليس داخل العراق والمؤشرات على ذلك كثيرة، فقد فصلت صحيفة الحرب الطويلة «long war journal» الأمريكية المختصة بشؤون الدفاع في حجم وأعداد الأسلحة الأمريكية التي اغتصبها «الحشد» من الجيش العراقي مثل دبابات ابرامز «M1 Abrams» وغيرها من الأسلحة الأخرى. بل وانتزع «الحشد» ميزانية الدفاع بما يقدر بـ60 مليون دولار أمريكي من الميزانية العراقية المخصصة لسنة 2016. وما تلك إلا تفاصيل مرحلة يعتمد فيها «الحشد الشعبي» على الحكومة العراقية، وحين يكون هناك مصلحة إيرانية في تسخين الجبهة الخليجية ستفتح طهران مخازن سلاحها وخزائنها للحشد الشعبي. فالحشد الشعبي هو «حزب الله» قرب الخليج ونحن «الشيطان الأصغر» عبر منظار طهران.* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج