مساحته الجغرافية لا تتعدى الـ 10452 كيلو متراً مربعاً، وبما لا يزيد عن اثنين ونصف مليون نسمة من عدد سكانه الأصليين. ورغم صغره فيعتبر الملاذ الآمن لكثير من الجاليات، كالأرمنية والفلسطينية والكردية والآن بالطبع السورية، وغيرهم الكثير لنجد أن عدد المقيمين على ارضه يفوق 4.5 مليون نسمة.إنه البلد الصغير بحجمه الكبير بعطاءاته.. إنه «لبنان» الحبيب الذي ظهر به رجل العطاء، رجل المحبة، رجل الإخلاص والأخلاق الرفيعة، رجل الوحدة اللبنانية والعربية، إنه «رجل السلم»، إنه «الشيخ رفيق الحريري»، شهيد لبنان.. شهيد الوطن.الحالة المادية العصيبة دفعته لقطع دراسته الجامعية عام 1965 والسفر إلى السعودية والعمل بها، وقبول عرض عمل كمدرس لمادة الرياضيات في جدة، ثم كمحاسب في شركة هندسية، ثم أنشأ شركته الخاصة للمقاولات عام 1969.ونتيجة لنشاطاته وسمعته الطيبة، كلف الشهيد رفيق الحريري ببناء فندق «مسرة» بالطائف، وبالفعل فقد أنجز المشروع في غضون ستة أشهر لاستضافة القمة الإسلامية. وكان إنجازه بوابة لحصوله على احترام وثقة الأسرة الحاكمة السعودية. ومنح الجنسية السعودية عام 1978.عام 1990 تمكن «الشهيد الشيخ رفيق الحريري» من جمع كلمة اللبنانيين والتي كانت موزعة بين أربع ديانات وثمانية عشرة طائفة وما يزيد عن اثنين وعشرين حزباً مقسماً بين أحزاب سياسية، ودينية، وقومية وشعبية. دخل الرئيس الحريري معترك الحياة السياسية والاقتصادية في موطنه قبل زمن طويلٍ من تسلمه زمام رئاسة الحكومة. فيوم كان يعيش في المملكة العربية السعودية بصفته رجل أعمال لبناني، اعتراه القلق على بلده الذي يرزح تحت القتال، فلعب في الكواليس دور الوسيط، الذي يسدي النصح ويعزز فُرص التوصل إلى وقف للنار واتفاقات من شأنها إنهاء الحرب الأهلية والتي دامت 18 عاماً. استثمر وقته وعلاقاته في العالم العربي وفي الخارج لإحلال السلام في وطنه الذي خلف فيه الحرب دماراً وخراباً. وبصفته رئيساً لمجلس الوزراء، قبل الرئيس الحريري التحدي. فحول وجهة لبنان فوراً إلى حقبة ما بعد الحرب، وبدأ ببذل جهود مكثفة نقلت لبنان، في أقل من ست سنوات، من بلد يحمل بصمات الحرب إلى موقع هائل لعملية إعادة بناء محلية، وإلى لاعب محترم على الساحة الدولية. واعتبر الرئيس الحريري كل شيء أولوية عندما واجهه سؤال التحدي، من أين تبدأ إعادة الإعمار: هل تبدأ من المدارس أو المستشفيات أو البنى التحتية أو الاقتصاد؟لدرجة أن السياحة في لبنان عام 2004 بلغت 200? وأصبحت بعض الفنادق تقوم بإنشاء غرف إضافية خلال يومين وذلك لاستيعاب السائحين مقارنة بيومنا هذا حيث بات اللبنانيون يتوقعون بزوغ حرب جديدة مع كل موسم سياحي جديد.ولو كان بيننا الآن فلا أعتقد أنه كان سيسمح لشرذمة بالتطاول على «الأم الحنون»، و»الشقيقة الكبرى»، مملكة العزة والكرامة، مملكة «الحزم والنصر»، المملكة العربية السعودية، والتي قدمت خلال عام 2001 دعماً للبنان ما يزيد عن 28.25 مليار ريال سعودي توزعت على منح ومساعدات وقروض وودائع.دول الخليج تعد أكبر الدول العربية استضافة للجالية اللبنانية. وأنا واثقة من أنه كان سيذكر كل غافل أو تائه بالحقيقة التي تقول «بأنه يقدر عدد اللبنانيين المقيمين في دول الخليج بما يزيد عن 500 ألف لبناني يحولون نحو 6 مليارات دولار سنوياً إلى لبنان، فيما حجم الأعمال التجارية المملوكة لرجال أعمال لبنانيين في دول الخليج يقدر بـ 50 مليار دولار سنوياً».وفي مقابل ذلك كله نجد أن أبسط مواطن رد الجميل للسعودية في أن تأخذ الحكومة اللبنانية موقفاً صارماً إزاء تدخلات «حزب الله» الإرهابي في شؤون دول الخليج وسعيه إلى زعزعة الأمن من خلال دعمه للخلايا الإرهابية.
Opinion
رجل السلم
26 فبراير 2016