تفصلنا الآن عن يناير 2018 نحو 24 شهراً، وهو التاريخ المتوقع لتطبيق الاتفاق الخليجي بشأن فرض ضريبة القيمة المضافة، وهي تعد أولى الأنظمة الضريبية تطبيقاً في دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تعتد يوماً في تاريخها على تطبيق هذا النوع من جباية الأموال، باستثناء تلك المتعلقة بتحصيل الرسوم مقابل العديد من الخدمات الحكومية وإن اختلفت المسميات.نحو 24 شهراً تقريباً هي الفترة التي تفصلنا عن لحظة تاريخية هامة ستؤثر في مجتمعات الخليج بشكل جذري، وتعود بالنظام إلى ذلك النظام القديم الذي كان سائداً خلال حقبة ما قبل النفط، عندما كان مواطني هذه الدول يدفعون الضرائب مقابل الحصول على الأمن فقط، ولكن ضريبة اليوم ستكون مختلفة لأنها ستكون مقابل الأمن، والحد الأدنى من المعيشة، وإمكانية المشاركة في صنع القرار. نبدأ من الأخيرة، فجميع دول مجلس التعاون الخليجي لديها آليات تضمن المشاركة الشعبية في صنع القرار الرسمي، وهي آليات متفاوتة، سواءً كانت من خلال مجالس تشريعية، أو مجالس شورى، أو حتى مجالس بلدية، أو آليات أخرى يتميز بها كل مجتمع خليجي بحكم الخصوصية. وفرض الضرائب لأول مرة في دول المجلس، من المتوقع أن تكون له الكثير من التداعيات السياسية والاقتصادية وأيضاً الاجتماعية، ويفترض أن تكون مدروسة جميعاً، لأنها ليست كقرارات إعادة هندسة الدعم الحكومي، ورفع الدعم أو تعديله كلياً أو جزئياً كما تم خليجياً خلال 12 شهراً الماضية في السلع الأساسية. البدء في استحداث النظام الضريبي الخليجي خطوة مهمة، ومن المهم دعم هذا التوجه حفاظاً على الاستقرار الاقتصادي، وضمان معدلات النمو وزيادتها، وإنهاء الاعتماد التدريجي على النفط الذي فشلت معظم هذه الدول في التخلص منه مع اقتراب الذكرى المئوية لاكتشاف النفط في الخليج بعد 16 عاماً من الآن. كما استُهدفت دول مجلس التعاون خلال الفترة الماضية عندما قررت إعادة هندسة الدعم الحكومي، فإنه من المتوقع أن تُستهدف أيضاً عندما يقترب موعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي أعلنت الإمارات تطبيقها في يناير 2018 لتكون أول دولة خليجية تعلن رسمياً هذه الخطوة التي يتوقع أن تحقق من ورائها 12 مليار درهم خلال السنوات الخمس الأولى من التطبيق، أي ما يعادل 2.4 مليار درهم سنوياً «تقريباً ربع مليار دينار سنوياً». وهناك مخاوف سياسية من ذلك كمن يحاول رفع شعار «لا ضرائب بدون تمثيل سياسي»، رغم اختلاف ظروفه في المجتمعات الغربية. الحاجة للإسراع بإقرار الأنظمة الضريبية الخليجية ضرورة، والضرورة الأكبر وضع كافة التصورات لمرحلة الانتقال الاقتصادي من الدولة الريعية إلى ما بعد الدولة الريعية، ومواجهة تداعياتها المختلفة.