قصص «نسوية» مؤلمة يلفها الغموض والسرية التامة، إما بحجة «البيوت أسرار»، أو أملاً في أن يتغير الحال إلى الأفضل، وبين هذا الانتظار للفرج السماوي والحجج الواهية، تتعرض مئات الإناث لاضطهادٍ أسري داخل عش الزوجية، حيث مئات القضايا غير المعلنة وغير المسجلة في ملفات المحاكم الشرعية وغير الشرعية، كلها تنتقص من حقوق المرأة، وبعضها ترميها إلى خارج الحياة.تكتم الأنثى أسرارها وكل ما يجري لها من أبيها الديكتاتوري أو من أخيها المتسلط أو من زوجها القاسي أو من أحد أفراد أسرتها من الذكور خوفاً من الفضيحة أو خشية أن تتعرض لظلم أشد مما هي فيه، وبين هذا وذاك، تأتي أهمية الحاجة إلى قوانين تحمي المرأة من هذا التمييز والظلم والتهميش داخل الأسرة وفي غرف النوم المظلمة، وإلا ستظل الأنثى «ربع» إنسان في مجتمع تغيب فيه الأنظمة الخاصة بحماية الأنثى.كثير من العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية والدينية تمنع المرأة من أن تطالب بحقوقها، لأنها متيقنة كل اليقين ألا قانون سيقف إلى جانبها، ولا حتى المؤسسات المعنية بحماية المرأة ولا حتى أسرتها نفسها يستطيعون حمايتها، خصوصاً إذا كان مصدر هذا التعنيف «الزوج»، بل ستكون في نهاية الحكاية هي المخطئة والآثمة، وعليها أن تعود مرغمة لبيت الطاعة بفضل قوانين المجتمع وغياب قوانين الأحوال الشخصية.قصص صادمة تصلنا بين الفينة والفينة من بعض المعنفات، ممن حاولن أن يخترقن جدار الصمت ويقفزن فوق أسوار سجون المنازل، فقط من أجل أن يعبرن عن معاناتهن اليومية مع رجل ليس برجل أو مع أسرة انتزعت من قلبها الرحمة تجاه ابنتهم، وبين هذه القصص المشحونة بالعذابات، يحلفن برب الكعبة أن تظل قضاياهم طي السرية والكتمان، خوفاً من قوانين العادات المجتمعية المتخلفة.لو تمت مراجعة الحالات الخاصة بتعنيف المرأة في المحاكم وفي أدراج بعض المؤسسات المعنية بهذه القضايا لوجدناها تتجاوز سقف الآلاف، ولو جمعنا معهم كل القضايا التي لا نعلم عنها سوى بعض الحكايات العابرة أو لم نسمع عنها أي شيء، سنصدم بحجم ما يمكن أن يقال في حق المرأة المعنفة وفي عدم حصولها على كامل حقوقها، سواء مع زوجها الباطش أو في حال تم طلاقها منه، فالقوانين التي تحمي المرأة اليوم أضعف من قيود وسلاسل المجتمع الحديدية.هذه المسألة تحتاج إلى وقفة جادة وشجاعة وقوية من كل الأطراف المعنية بحقوق المرأة، بدءاً من الدولة ومروراً بمنظمات المجتمع المدني وانتهاء بعمق الأسرة وتوابعها، وإلا إذا تم تجاهل قضايا المرأة الخاصة والمصيرية أو تهميشها عن عمدٍ فإن المجتمع سيسقط مستقبلاً حين تسقط أو تهان أو تهمش أبرز أعمدته ودعائمه ألا وهي المرأة، فهل هنالك من قرار شجاع يعيد لهذا الإنسان الراقي مكانته وحريته وكرامته في المجتمع؟ أم ستظل أمنا، أختنا، زوجتنا، بنتنا مضطهدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟