السؤال الذي تكرره إيران دائماً عبر البرنامج اليومي المخصص للاعتداء على مملكة البحرين بفضائية «العالم» وتحرص على توجيهه للمشاركين فيه هو «لماذا اتخذت حكومة البحرين هذا القرار في هذا الوقت بالذات ؟». ورغم أن السؤال عديم القيمة بسبب أن من سيجيب عنه لا يملك الرد ولا القدرة على التحليل وليس أمامه سوى التخمين أو ترديد ما يريد مقدم البرنامج منه قوله إلا أنه يكاد يتكرر في كل حلقة من ذلك البرنامج المسيء والذي لا يختلف اثنان على أنه تدخل مرفوض في شؤون البحرين الداخلية، بل اعتداء صارخ.في حلقة قريبة سألت مقدمة البرنامج أحد ضيوفها اليوميين السؤال نفسه عن قرار اتخذته وزارة الداخلية أخيراً وبدأت في تنفيذه، ثم عندما شعرت بأنه ارتبك ولم يعرف ما يقول قالت له «طبعاً معروف أن هذا القرار الهدف منه كذا وكذا»، فكرر ما قالت ولكن بأسلوبه!إيران ومعدو هذا البرنامج يدركون تماماً أن ضيوفهم غير مؤهلين أساساً للحديث في مثل هذه الأمور لأنهم باختصار ليسوا جزءاً من تلك القرارات والإجراءات ولا يعرفون خلفياتها ويتخذون منها موقفاً حتى قبل أن تصدر، لكنهم يصرون على توجيهها كلما اتخذت مملكة البحرين قراراً أو باشرت في اتخاذ إجراء معين يضيق الخناق على أولئك الذين يسندونهم ويتسبب في إرباكهم وشل قدراتهم، فهم متأكدون من أن ضيوفهم ضد تلك القرارات والإجراءات وبالتالي فإنهم على استعداد لقول كل ما يراد منهم قوله. واللعبة ببساطة هي أن مقدمة البرنامج تسأل ضيفها وتوفر له الإجابة المطلوبة في نفس الوقت ليكررها بطريقته، حيث المهم هو توجيه النقد وتوصيل رسالة تزعم أن هذه الفئة مستهدفة وأن الحكومة تمارس عليها ظلماً وأنها لم تتخذ هذا القرار أو ذاك «في مثل هذا الوقت» إلا لأنه يضعفها ويسيء إليها ويكسب الحكومة نقاطاً.ما ينبغي أن تدركه إيران، وغير إيران، هو أن القرارات التي تتخذها حكومة البحرين والإجراءات التي تقرها وتأمر بتنفيذها أمور تخص مملكة البحرين وشعب البحرين وليس لأحد أن يتدخل في شؤونها، عدا أن من الطبيعي أن تتخذ الحكومة هذا الإجراء أو ذاك، وتصدر هذا القرار أو ذاك، في هذا الوقت أو ذاك، فللحكومة في أي بلد حساباتها وتكتيكاتها ومن حقها أن تحمي شعبها المسؤولة عنه، وبالتالي ليس لأحد أن يقول إنها فعلت هذا لذاك السبب أو فعلت ذاك لهذا السبب، أو لماذا فعلته «في هذا التوقيت بالذات» ولم تؤخره أو تقدمه!حكومة البحرين تمتلك من الخبرة والتجربة ما يعينها على رؤية المشهد كاملاً وقراءته قراءة صحيحة، وتعرف لماذا تتخذ هذا القرار أو الإجراء في هذا الوقت أو ذاك، لكن لأن الآخر الذي يطلب منه القيام بالتحليل لا يمتلك القدرة على القيام بهذا الأمر لذا فإنه يخفق في معرفة الأسباب التي دفعت الحكومة لاتخاذ ما اتخذته «في هذا الوقت بالذات»، والدليل هو أن كل من يتم توجيه السؤال له يقول كلمتين ويكمل بتوجيه الشتائم والسباب قبل أن يحصل على «المدد الفوري» من مقدمة البرنامج، دون أن يعني هذا أن المعلومات التي يتم توفيرها له صحيحة، فهي في كل الأحوال اجتهاد إيراني الهدف منه الإساءة وشحن الناس ضد حكومة البحرين التي من الواضح أنها تدير العملية بشكل صحيح وتعرف كيف تحدد الوقت المناسب لاتخاذ قراراتها والإجراءات اللازمة لتنفيذها.ليس معلوماً بعد متى ستتوقف إيران عن توجيه هذا السؤال لضيوف برنامجها المسيء ولكن لو حدث سيكون من حق العالم أن يسأل عن سبب توقفها عن ذلك «في هذا الوقت بالذات»!
Opinion
لماذا في هذا الوقت بالذات؟
04 مارس 2016