لا نعرف لماذا يعادي بعضهم مشاريع ربيع الثقافة في البحرين؟ ولماذا يكرهون الفرح ونشر الابتسامة على وجوه مختلف الناس؟ بل لم يكتفوا بذلك، إذ بدأ بعضهم ومنهم إعلاميون مع الأسف الشديد يحرضون الدولة والجمهور ضد ربيع الثقافة بصورة علنية في محاولة لخلط الأرواق بين ما هو ثقافي واقتصادي بشكل مستفز، حتى أضحى الربيع في نظر جمهور هؤلاء وكأنه خريف، بينما يعرفون جيداً أن المسألة ليست كذلك.فرَق عالمية تجوب العالم لنشر ثقافة الشعوب المختلفة ولنشر تعاليم الفرح والتبشير بالحب في زمن الكراهية، هذا هو ربيع الثقافة. نحن اليوم في أمسِّ الحاجة للخروج من أزماتنا السياسة والاقتصادية التي بدأت تخنق كل شعوب ودول الإقليم، والانتقال للعيش بشكل سوي بعيداً عن التحريض والموت والعذابات، وهذا لن يكون إلا بتكثيف وعي الجمهور نحو الثقافات العالمية المرموقة، والسعي نحو اكتشاف مزيد من الآفاق عبر احتفاليات تجني من خلالها البحرين المزيد من المال والكثير من الثقافة واكتشاف الآخر، ولولا يقين الدولة بأن الاحتفالات لن تلتهم موازناتها في هذه الظروف الاقتصادية الحرجة، بل على العكس من ذلك فكان القدر المتيقن من عطايا الربيع هو الربح الحقيقي، لما أعطت الضوء الأخضر للثقافة أن تقيم ربيعها، لكن الدولة على يقين بأن الأرباح التي من الممكن أن تجنيها مشاريع الثقافة أكبر من أن تحارَب بطريقة بدائية، وهذا الأمر قد أكدنا عليه هنا مراراً وتكراراً، لعلمنا أن الثقافة لا يمكن أن تعزل في زمن الكوليرا السياسية والاقتصادية، بل يجب دعمها وتعزيز فرصها وتشجيعها من أجل الفرح وحتى من أجل المال، على العكس مما يروجه بعضهم بأن الثقافة هي السخافة، في منطق يفتقر لأبسط قواعد الأخلاق والمنطق واللياقة وفقدان الدليل على هذه المقولة التي لم تصمد في وجه كل نجاحاتها التي حققها ربيعها.ليس هذا وحسب، بل يكفي من محاسن ربيع الثقافة أنه يخرج شبابنا من أجواء التأزيم والتطرف والغلو في الأفكار والأفعال، فبرامج ربيع الثقافة لا تحرض شبابنا على الكراهية والإرهاب والفوضى، بل تدفعهم لعشق الحياة والدخول في مجالات الإبداع بشتى صوره ومجالاته ونشر الوعي بينهم، بل على العكس من ذلك، فإننا نجد من يتبنون فشل الربيع الثقافي هم من يطرحون في المقابل مشاريع تضر بمستقبل شبابنا، وهذا الأمر لا يمكننا الجدال فيه، لوضوحه وصفاء حجته.سنظل نشدُّ على يد الشيخة مي بنت محمد آل خليفة من أجل مواصلة كافة مشاريعها الثقافية، وسنسند كل القائمين والعاملين على إحياء هذا العرس الثقافي الموسمي وغيره من البرامج الحيوية كتاء الشباب، وسنؤكد للجميع أن من ينتصر في نهاية المطاف هو الحب والفكر والفن والوعي والإنسانية العابرة للقارات ولكل أسوار الكراهية والإرهاب، فالثقافة ستنتصر لا محالة.