إنها نكتة بالتأكيد، فعندما يقول مسؤول إيراني إن إيران «قد ترسل مستشارين عسكريين إلى اليمن لمساعدة الحوثيين على قتال قوات التحالف العربي» فالأكيد أنه ينكت لأن وجود إيران في اليمن تجاوز مرحلة «المستشارين» منذ فترة بعيدة، وليس استمرار الحوثيين في القتال إلا بسبب الدعم الإيراني اللامحدود لهم وتوفر مستشاريهم ومقاتليهم. مسعود جزايري نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية قال في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء الثلاثاء الماضي إن إيران «قد» تدعم الحوثيين بنفس أسلوب دعمها للقوات الحكومية في سوريا! وأضاف رداً عن سؤال عما إذا كانت إيران سترسل مستشارين عسكريين إلى اليمن مثلما فعلت في سوريا قال «الجمهورية الإسلامية تشعر بواجبها لمساعدة الحكومة والشعب السوريين.. وتشعر أيضاً بواجبها لمساعدة الشعب اليمني بأي وسيلة بوسعها ولأي مستوى ضروري»، ما يؤكد أن اتهامات المملكة العربية السعودية لإيران بدعم المسلحين الحوثيين في اليمن في محلها وليست ادعاءات كما تحاول إيران أن تشيع. قول جزايري إن إيران «قد» تدعم الحوثيين في اليمن بالشكل نفسه الذي تدعم به نظام الأسد في سوريا اعتراف صريح بأن إيران تنظر إلى اليمن بالمنظار نفسه الذي تنظر به إلى سوريا وأن لها عناصر تقوم «بالواجب» في اليمن مثلما يقوم عناصرها «بواجبهم» في سوريا، والقول إنه ليس لإيران حتى الآن «مستشارون» في اليمن يدخل في باب السخرية من العالم لأن العالم كله يعرف أن لإيران وجوداً في أرض اليمن وأن هذا الوجود تجاوز مرحلة المستشارين. إيران تمد الحوثيين بكل احتياجاتهم، من الإبرة إلى الصاروخ، ولا يستبعد وجود إيرانيين يقاتلون إلى جانب الحوثيين، ولهذا فإن ما قاله جزايري يدخل فعلاً في باب السخرية من العالم ويعتبر نكتة، فلولا «المستشارون الإيرانيون» في اليمن لصار الحوثيون منذ زمن في خبر كان. مثل هذا التصريح جاء من قبل على لسان مسؤولين إيرانيين آخرين، كلهم هدفوا إلى إنكار أي وجود لإيران في أي بلد «حتى الآن» وأنها مستعدة -إن استدعى الأمر- أن تتواجد بشكل أو بآخر، قبل أن يتبين أنها متورطة في المكان حتى النخاع. حدث ذلك في سوريا وفي لبنان وفي العراق والتي تواجدها فيها كلها اليوم لا يختلف عن تواجد الدول الاستعمارية، لها فيها الكلمة الفصل وإن أنكرت وادعت حكومات تلك الدول بأن الأمر غير صحيح. القوات الإيرانية متوفرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، مثلما أن قوات «حزب الله» متوفرة في كل هذه الدول، والمتابعون يجزمون بأنه لولا دعم ووجود قوات إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» في اليمن لانتهى أمر الحوثيين بالفعل ولحسمت المعركة في أيامها الأولى. مؤلم أن يعتقد الإيرانيون أن العالم ساذج إلى الحد الذي يمكن أن يصدق فيه تصريحات جزايري بأن إيران «قد» تفكر في إرسال «مستشارين» إلى اليمن إن استدعى الأمر، ومؤلم أكثر أن يرى العرب تدخل إيران الفج في بلاد العرب ويسكتون وكأن الأمر لا يعنيهم أو أنهم يرونه أمراً عادياً ومن حقها، أما الأكثر إيلاماً فهو تشكيك بعض العرب في اتهامات دول مجلس التعاون لإيران تدخلها في الشأن الخليجي والعربي رغم توفر ما يكفي من أدلة وبراهين. لن يطول الوقت حتى يتبين للعالم أن إيران متغلغلة في اليمن كما هي متغلغلة في سوريا ولبنان والعراق، ولن يطول الوقت حتى تعترف إيران بأن وجودها في اليمن تجاوز مرحلة «المستشارين» إلى القتال جنباً إلى جانب مع الحوثيين منذ زمن، ولن يطول الوقت حتى يتبين للعالم أن إيران تعتقد أنه ساذج إلى حد أنه يمكن أن يصدق كل ما تقوله.