مرت علينا هذا الأسبوع مناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف 8 مارس من كل عام، وقد جاء هذا اليوم تخليداً لنضال النساء في أمريكا اللاتي خرجن في مظاهرات لأجل تعديل ظروف عملهن وبحثاً عن العدالة والإنصاف.وإذا كان العالم يحتفل باليوم العالمي للمرأة فيحق لكل امرأة عربية ومسلمة أن تعتز بعروبتها وتفتخر بدين أنصفها وكرمها ورفع قدرها بين سائر نساء الأرض وحررها من زمن العبودية والجواري، بل ووضع على رأسها تاجاً «حجاباً» لتكون أميرة النساء وامرأة مميزة محفوظة مصانة لها من الحقوق والواجبات ما يوفر لها الكثير من الكرامة والعدالة. المرأة العربية والمسلمة اليوم لا تحتاج إلى متابعة قصص كفاح النساء في دول العالم فهي بالأصل تعود إلى أمة شرفت نساؤها التاريخ ببطولاتهن وكفاحهن ولدينا من سجل نضال المرأة ونماذج المرأة القيادية ما يكفينا عن الانبهار والإعجاب بنساء الغرب بل والاستشهاد بقصصهن، وليت إعلامنا العربي يطلع فتيات هذا الزمان على تاريخ المرأة الصحابية والنساء في زمن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ويبرز تاريخهن المشرف كقدوة لبنات المسلمين. إن الصحابيات في زمن رسولنا الكريم خاصة الفقيرات منهن كن يجاهدن بمالهن وأنفسهن في سبيل الدين والدعوة وكن يشاركن في المعارك عندما يحمى وطيسها ويشجعن الرجال على مواصلة القتال. في كتاب نساء حول الرسول الذي يسلط الضوء على قصص النساء وأدوارهن في الإسلام يقول الكاتب: «يكفينا فخراً أن السيدة خديجة أول المسلمين وإسلامها فخر لكل النساء والتي تميزت بشدة الفراسة فتفرست في رسولنا الكريم الخير والمستقبل المضيء، أسماء على صغر سنها كانت تروح وتأتي على غار ثور أثناء هجرة الرسول، أم عمارة التي ظلت ثابتة في معركة أحد فيما كان معظم الرجال فارين! سمية كانت أول الشهداء في سبيل الدين، السيدة عائشة رضي الله عنها كانت أكثر المحدثين عن رسول رب العالمين، ثم ألا يكفي للمرأة اعتزازاً وفخراً أن مشورتها في صلح الحديبية كانت سبباً في وئام المسلمين؟ هذه أدوار نساء المسلمين في حروب ومعارك قامت عليها دول وحضارات».لنا أيضاً أن نستحضر الخنساء الصحابية التي اشتهرت بقوة شعرها وشخصيتها وقد قيل عنها: تلك التي غلبت الرجال!! وقد قالت يوم استشهاد أبنائها الأربعة في معركة القادسية «الحمد الله الذي شرفني باستشهادهم!».كما لا ننسى عمة النبي السيدة صفية بنت عبدالمطلب التي قتلت يهودياً، عندما حاصر المشركون المسلمين عند المدينة على أمل القضاء عليهم وكان الخطر يحيط بهم من كل جانب، فالمشركون زحفوا بأعداد كبيرة نحو المدينة ويهود بني قريظة نقضوا العهد مع رسول الله، وأعلنوا تأييدهم للمشركين وقد حدثت محاولة الهجوم على بيت رسول الله وظل الرسول والصحابة يومها في حراسة الخندق فيما ترك المسلمون غير القادرين على الحرب والأطفال ونساء المسلمين في حصون بالمدينة وقد أقبل رجل من اليهود وأخذ يطوف حول حصن من الحصون فرأته صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله وقد خشيت أن يخبر اليهود بمكانهم فيأتوا للهجوم عليهم وليس معهم من يرد هجومهم، فقامت وربطت وسطها ثم أخذت عموداً ونزلت من الحصن، وفي شجاعة المرأة المؤمنة اقتربت منه وضربته ضربة قوية بالعمود على رأسه حتى قضت عليه وطهرت الأرض من شره! ومن مواقف كرم نساء المسلمين وإيثارهن موقف السيدة عائشة عندما منحها عبدالله بن الزبير غرارتين مملوءتين بالدراهم فيهما مائة وثمانون ألف درهم وكان ذلك بعد وفاة الرسول، وكانت أم المؤمنين صائمة فأمسكت بطبق وبدأت توزع الدراهم على الفقراء حتى انتهت فلما غابت الشمس وحان موعد إفطارها قالت السيدة عائشة لجارية عندها هاتي إفطاري فأحضرت لها الجارية خبزاً وزيتاً وكانت عندها امرأة اسمها أم ذره تزورها فقالت لها أما استطعت أن تشتري لنا لحماً بدرهم نفطر عليه من تلك الدراهم التي قسمتيها على الفقراء؟لقد لمعت أسماء المسلمات في سماء الدعوة الإسلامية وعرف الناس لهن أدواراً متميزة في ميادين العمل المختلفة وقد كانت النساء حول الرسول نجوماً وكواكب وهذا أصل المرأة العربية والمسلمة وهذا من المفترض أن يكون دأب الأجيال اللاحقة من بعدهن.بعض النساء العربيات يظهرن اليوم للأسف بمظهر المرأة غير المتحملة للمسؤولية والتي تركض وراء صيحات موضة الغرب وقضاياه الهامشية وإعلامه الذي يركز على جسد المرأة وجمالها، وباتت أقصى درجات البطولة بالنسبة له المرأة وهي تتسابق للوصول إلى المراحل الأخيرة من مسابقات الغناء أو تاريخها في التمثيل والفن، وقد أهمل تاريخ المرأة المسلمة التي كانت منارة للبطولات والشجاعة وقيادة المجتمع وتربية الأبناء الذين كانوا من خيرة علماء العرب والمسلمين، كما يهمل الإعلام الغربي ولا يتداول نضال المرأة العربية وكفاحها في الحفاظ على حياتها وحياة أبنائها أمام الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وأمام الجرائم الوحشية في سوريا والعراق، ومن هذا المنطلق نقول للمرأة العربية: لا تحتاجي أن تقلدي نجوم الغرب بل حاولي أن تكملي دور نجوم النساء حول الرسول في نشر الدين والعلم والساحة في هذه المجالات بانتظارك!* إحساس عابر: تحية لأم الشهيد وزوجة الشهيد وأخت الشهيد وابنة الشهيد في البحرين والخليج العربي وفي الأمتين العربية والإسلامية.