مساء يوم الأحد الماضي وفي عملية إرهابية قذرة جرت أحداثها في أنقرة، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. وأعلنت تركيا ارتفاع عدد قتلى الانفجار الذي هز وسط العاصمة التركية إلى 34 قتيلاً، حسبما ذكرت وزارة الصحة التركية، فيما جرح 125 آخرون، منهم 19 حالتهم حرجة، بينما أعلنت جماعة كردية مسلحة تدعى «صقور حرية كردستان» تبني تفجير أنقرة، وبحسب الشرطة، فإن الضحايا سقطوا نتيجة تفجير سيارة مفخخة كان يقودها انتحاري بالقرب من حافلة ركاب، ما تسبب بحرق الحافلة بالكامل واحتراق عدد من السيارات المجاورة، وأن الانفجار وقع بعد اصطدام السيارة المفخخة بحافلة الركاب. وذكرت وسائل إعلام أن التفجير وقع في ساحة «قيزيلاي» بالقرب من مخرج محطة مترو «غوفنبارك»، عندما كان المكان مكتظاً بالمارة. ويقع موقع التفجير على بعد نحو 200 متر من مقر رئيس الحكومة التركية فقط.بداية وقبل الحديث عن تفاصيل هذه الجريمة النكراء، يجب إدانة كل أنواع العمليات الإرهابية حول العالم دون استثناء، فالإرهاب واحد والمستهدَف واحد أيضاً، وعليه لا يجب تصنيف العمليات الإرهابية ولا الدول التي دائماً ما تكون ضحيتها، فتصنيفنا وجدولتنا للإرهاب يعني أننا نشجعه في مكان ونقبله في أماكن أخرى، وهذا أخطر ما يمكن أن يكون في وعي الساسة وعند بعض الدول وذلك حين يصنفون الإرهاب حسب المصلحة السياسية أو حسب ظروف المرحلة، فهذا الوعي وهذه التجزئة في المفاهيم عبر معاركنا الحالية ضده لا يمكن أن تستقيم مع الحراك الدولي في محاربة الإرهاب العالمي.ليست الإدانة هي الحل الوحيد في تقويض الإرهاب والإرهابيين، بل يجب أن نقف بقوة في وجه كل أنواعه مهما كانت مصادره، كما يجب تجفيف منابعه وملاحقتها وفق نظام دولي وإقليمي واضح وصارم، وأن يكون الإرهاب مرفوضاً رفضاً قاطعاً في ثقافتنا السياسية حتى نتمكن من محاصرته في كل دول العالم.في الوقت الذي نعزي أنقرة بهذا العمل الجبان والخسيس باستشهاد وجرح عشرات الأبرياء، نطالبها كما نطالب بقية الدول والشعوب ألا تجدول الإرهاب وتصنفه حسب المصالح والمنافع السياسية، إذ إن العمل بهذا الفهم يؤدي بالنتيجة إلى أن نقبل به في دولة ونستنكره في دول أخرى، مما قد يوقعنا هذا الفعل في فخ الازدواجية وبالتالي قد يأمن بعضنا منه فيجدون أن الدوائر الإرهابية تعمل لديهم بشكل صريح فتؤْذيهم وتدمر أوطانهم.نحن نذهب إلى هذا الرأي من باب أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فهو كالذئب الجائع وكالنار التي لا تبصر، فكل ما يقع أمامهما من استقرار وأمن وإنسان يمكن أن يتلاشوا جميعهم بضربة مباغتة من يد الإرهاب التي يجب أن تقطع بدل أن تقبل إذا كانت تعبث على سبيل المثال في دولة أخرى، فالتكاتف الدولي لمحاربة الإرهاب أمر مطلوب للغاية، خصوصاً بالنسبة للدول المحاذية لمناطق الصراعات والنزاعات الإقليمية والمرشحة فوق العادة لتلقي الكثير من الضربات الإرهابية بين الحين والآخر. فلنكن معاً ضد كل الإرهاب مهما كان عنصره أو جنسه أو دينه أو منشأه، وهذا خلاصة الدرس، ونقطة في آخر السطر.