لا شك في أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت اليوم مفلسة تجر وراءها خيبات كثيرة بعد سنوات من الهيمنة، مفلسة بمعنى أنها أنهكت قواها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأصبحت تحاول أن تلم زمام هيبتها التي خيبت فيها الثقة والظنون، ثقة المجتمع الأمريكي بقيادة الرئيس بوش الابن وأوباما من بعده، وخيبت ثقة العالم بها كونها قبل عقود كانت قوة لا ترد ولا تقهر.من المضحك في سياسة صناعة الأفلام السينمائية الأمريكية، أنها في كل مرة تحاول تعزيز صورة ذهنية عن قوة أمريكا عسكرياً، بل تتعمد أن توهم المشاهد بأن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع بقوتها العسكرية والتكنولوجية أن تنقذ البشرية من الكوارث والحروب وحتى من المخلوقات الفضائية، والواقع أن سياسة أمريكا أهلكت الجيش الأمريكي في حروب كثيرة أخرها العراق وفشلها في تحقيق السلام للعالم بل اعتبر المحللون في معظم دول العالم أن أمريكا منحازة لدول دون دول أخرى ولجماعات دون جماعات أخرى، الأمر الذي استفاد منه المتطرفون، لذلك أصبح الشعب الأمريكي شعب مستهدف جراء سياسة إدارة البيت الأبيض، وأحداث سبتمبر دليل واضح لاستغلال الجماعات المتطرفة لسياسات أمريكا غير السوية. تصريحات أوباما الأخيرة إشارة واضحة ومعلنة بان القوة الآتية هي القوة العربية التي باتت بوادرها واضحة في «عاصفة الحزم» و»رعد الشمال» وقدراتها العسكرية وتوحيد كلمة وصفوف العرب للقضاء على الإرهاب، وبذلك سوف تغير القوة العربية قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للدول العظمى، وهذا الأمر مسلم بل هو واضح ما بين سطور أوباما ومساندته لإيران في العلن، فإيران هي الحليف الجوكر في الشرق الأوسط لأمريكا التي استطاعت إدارة أمريكا مع تعاقب رؤسائها أن تتحكم في حكام إيران وأن تغيرهم هي وليس الشعب الإيراني بدءاً من شاه ايران، بخلاف دول الخليج التي لم تستطع السياسة الأمريكية تغيير حكام دول الخليج رغم محاولتها الكثيرة والمبطنة لذلك، إلا أن قناعات الشعوب الخليجية باتت واضحة للإدارة الأمريكية بأن الشعب الخليجي مؤمن بأن حكامه هم خيار هذه الأمة.تصريحات أوباما الأخيرة كانت أشبه بالموظف الذي هو على وشك التقاعد من العمل، بعض الموظفين قبل تركهم للوظيفة «يظهرون الخايس والخنين عن المنظمة أو المؤسسة التي ينتمون إليها»، بل ينتقدون الجميع في محاولة منهم أن يصبحوا مثل «طرزان» الذي لا يخاف من أحد ولا يخشى لومة لائم، وهذا هو أوباما يضرب الصداقة التي تربط الولايات المتحدة ودول الخليج والدول العربية بعرض الحائط، تاركاً فوضى العلاقات الدولية للرئيس الجديد، ويحاول أن يربط صداقات «بزنس» للمستقبل يؤمن بذلك لقمة العيش بعد أن يقبع في زوايا منزله. تصريحات أوباما الأخيرة وانحيازه لإيران هي صفعة قوية وخيانة للشعب الأمريكي الذي عانى كثيراً من الإرهاب خصوصاً بعد أحداث سبتمبر، بعدما أصدرت المحاكم الأمريكية أحكاماً كشفت وجود تعاون مشترك بين إيران وتنظيم القاعدة، بتفجير البرجين في سبتمبر، تصريحات أوباما هي تصريحات غير مسؤولة وغير مهتمة بشعور أهالي الضحايا.عقيدة أوباما هي تقية سياسية تستخدمها الولايات المتحدة اليوم بعدما تيقنت بقرب زوال النظام الإيراني ومحاربة «حزب الله» الإرهابي، بعدما أدرك العالم قوة دول الخليج ومساندة الدول العربية والمسلمة لها بقيادة المملكة العربية السعودية، تقية أوباما صورت إيران الحمل الوديع الذي لم يستعمر العراق ولم يشارك في حرب سوريا ولم يحشد الحوثيين في اليمن ولم يستملك لبنان ولم يثير الفوضى والإرهاب في البحرين ومنطقة الخليج، تقية أوباما جعلت دول الخليج والعرب أكثر فخراً لأنهم أصبحوا هاجس الولايات المتحدة ومصدر قلقها بعدما تيقنت أن العرب هم القوة المنتظرة لنشر السلام، وبعدها ستتراقص التقية أمام الجميع، وتصبح تقية أوباما تدرس في كل مكان.
Opinion
تقية أوباما.. في عقيدته
17 مارس 2016