«البحرين تدخل عصر ما بعد النفط» عنوان لمقال كتبه توماس.ج.ابركرومبي صحافي ومصور أمريكي للمجلة الشهرية «ريدر دايسجت» الشهيرة في نوفمبر 1980!!! «المجلة الآن غير موجودة».عثرت على هذا العدد من المجلة ضمن مجموعتي التي مازلت أحتفظ بها من مجلة «ريدر دايسجت» أو نسختها العربية «المختار» في مكتبتي الخاصة وأعدت قراءته، فإذا بالمقابلة تتحدث عن القفزة النوعية الصناعية والمصرفية التي تمر بها البحرين وتستعد بتلك القاعدة الصلبة كي تكون هي أهم مصادر دخل البحرين حين ينضب آخر برميل نفط فيها.قابل الصحافي الأمريكي ابركرومبي المرحوم يوسف الشيراوي وشاهد مشاريع ألبا وخطط البتروكيماويات ورأى مخططات جسر الملك فهد، وقابل نورالدين نورالدين نائب رئيس بنك البحرين الوطني حين ذاك، وقابل مستشار مؤسسة النقد آلن مور وقابل السيد تراكويل رئيس شركة بابكو حين ذاك، وقابل أنطوني ماكادو لوبز رئيس الحوض الجاف «أسري». قال الشيراوي لابركرومبي «هنا في الشق العربي من الخليج كنا أول من أنتج النفط وسنكون أول بلد تتوقف فيه هذه الصناعة ومنذ 12 عاماً بدأنا الإعداد لذلك اليوم».وأكمل الوزير «فقد أكملنا معمل الألمنيوم والحوض الجاف وأخذنا دور بيروت في الخدمات المصرفية...» «مما يجعل البحرين تماثل سنغافورة». انتهىالسؤال.. والآن نحن في عام 2016 أي بعد مرور 36 عاماً على هذا اللقاء مات فيها ابركرومبي والشيرواي رحمة الله عليه، ماذا تحقق من بعده؟ لماذا توقف الحلم وتوقفت معه الطموحات؟ ما السبب الذي أعادنا إلى الوراء؟ في ذلك الوقت كان اعتمادنا على النفط 30% وكان الطموح أن يصبح الاعتماد على النفط 3% فقط، انظروا لحالنا اليوم، اعتمادنا على النفط زاد لم ينقص وتوقف نمونا الصناعي عند تلك المشاريع الضخمة التي أسسها الشيراوي، وأصبح النفط يشكل أكثر من 90% من مواردنا!36 عاماً من تلك الأحلام والطموحات التي تراجعت، 36 عاماً تؤكد أننا فشلنا لأسباب لا نعرفها وقد نعرفها ولا نتحدث عنها! لو كنت مكان مجلس التنمية الاقتصادية لعقدت منتدى بحرينياً جمعت فيه كل المعنيين بالاقتصاد وناقشت هذا الموضوع فحسب، «ما الخطأ الذي حدث؟».لا نريد أن نبكي على اللبن المسكوب ولكن نفتح الموضوع من باب البحث والتفكير والمراجعة لنعيد القطار على العجلة من جديد، نحن فعلاً بحاجة لتلك الروح التي كانت موجودة وفقدناها، وما يهمني هنا أن أؤكد أن العقول التي صنعت تلك النهضة الصناعية والمصرفية الأولى كانت عقولاً بحرينية والأفكار بحرينية والمنفذة كانت أيادي بحرينية، ونجحت في حينها واستطاعت أن تؤسس تلك المشاريع الضخمة وتديرها وتحمل على كاهلها مسؤوليتها، وها هي اليوم تدار كلها من بحرينيين يرفعون الرأس ويشرفون أي دولة، بل إن كثيراً من أبنائنا الآن منتشرون في جميع دول الخليج كمديرين وناجحين في إدارة مشاريع خليجية، بمعنى أن الأساس موجود وهو رأس مالنا ألا وهو البحريني، كل ما هو مطلوب هو إعادة تشغيل العجلة التي تسعى لتقليل اعتمادنا على البترول وتنويع مصادر دخلنا وزيادة مواردنا من أي شيء آخر عدا البترول.آباؤنا الذين تخطوا نضوب صناعة اللؤلؤ قادرون على تخطي نضوب صناعة النفط، آباؤنا الذين وضعوا أساس النهضة في الثمانينات وكتبت عنهم «ريدر دايجست» أنجبوا أبناء قادرين على تكملة المشوار، فقط يحتاجون قيادة تجمعهم لها رؤية اقتصادية واضحة لتلم بها شتاتهم وتهيئ لهم البيئة المناسبة للإبداع وتستقطبهم من جديد وتضع لهم برامج وخططاً وموعداً زمنياً وتاريخاً محدداً يلزمهم، فلا تصبح الرؤية هلامية ولا تزيد عن أحلام وسراب.
Opinion
مقال عمره 36 عاماً «البحرين تدخل عصر ما بعد النفط»
22 مارس 2016