في ظل المعطيات والتداعيات الحالية في منطقتنا بشكل خاص وفي هذا الإقليم بشكل عام، يستوجب على الدول المعرَّضة لاحتمالات خطر الإرهاب الحقيقي مواجهته ورسم البرامج والخطط الاستراتيجية الكبيرة للقضاء عليه حتى قبل مشروع مقاومته، فالإرهاب على الأبواب وعلى الحدود وعند كل المنافذ وفي كل الأرجاء، بل نحن نجزم أنه قد تسلل إلى بعض الدول العربية، فجاء بثمار جهوده الواضحة في ضرب الدول ومصالحها وزعزعة الأمن فيها.لم يعد الإرهاب اليوم مجرد «مزحة»، كما لا يمكن أن نضعه في خانة التحليل السياسي أو في قائمة حسن الظن، بل هو واقع مرعب قائم بذاته وبتمويل من جهات أجنبية واستخباراتية عالمية، بل بدأنا نتحسس وجوده حولنا عبر الكثير من الممارسات والأشكال والتوجهات التي نراها أمام أعيننا بشكل واضح، ولهذا فإن مطالبتنا بتحقيق الأمن والاستقرار يجب أن تكون من أولوياتنا كدول وشعوب، إذ إن الأمن هو طوق النجاة الذي تعبر من خلاله المنطقة إلى ساحل الأمان الأخير.بقدر حرصنا على عدم تهويل المشهد والواقع وحتى المستقبل إلا أننا نؤكد على أهمية تحصين أوطاننا من كل أشكال الإرهاب الحقيقي والمحتمل، فحين يضرب الإرهاب دولنا «لا قدر الله»، فإننا لن نستفيد كثيراً وقتها من اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية أمننا واستقرارنا، بل ربما يكون قد فات الوقت الذي يمكن لنا من خلاله تحصين دولنا من بطشه وجحيمه، ولهذا فالوقاية خير من العلاج والقضاء عليه واستئصاله من حواضنه المنيعة وتجفيف منابعه من الآن وصاعداً قبل انتشاره، هو ما يمكن القيام به في وقتنا الراهن.لا تعني دعوتنا الراهنة للقضاء على الإرهاب عبر خطوات استباقية أو فلنسمها «بالخطوات الاحترازية» تعني أننا ندعو إلى القمع ومصادرة الرأي والحريات، فهنالك فرق شاسع بين حرية التعبير وحرية السلوك والمعتقد وبين الإرهاب ولو بأدنى درجاته، فالأول حق من حقوق الشعوب والثاني سرطان يجب قطعه وعدم تمكينه من جسد هذه المنطقة، ولهذا يجب على الحكومات والشعوب معاً أن يفرقوا بين هذا وذاك، حتى لا تمتعض الشعوب من محاربة الإرهاب في صورته الشرسة، في مقابل أن تقوم الدول بإعطاء شعوبها كامل حقوقها وحرياتها مع الاحتفاظ التام في حقها للدفاع عن وجودها وإنسانها.في ظل المعطيات التي بين أيدينا نقول، يجب أن يضرب الإرهاب وكل مموليه في مقتل قبل أن يسعى للانتشار بين شبابنا على وجه التحديد، لأن الشباب هو الشريحة المستهدفة من هذا الطاعون، كما لا يجب أن تخلط بعض الدول بين الحريات والإرهاب، فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الأبيض والأسود وبين النهار والليل، وبكلمة أكثر وضوحاً، ستظل علاقتهما كالعلاقة بين الحياة والموت.
Opinion
الإرهاب على الأبواب
23 مارس 2016