يشكو الكثير من الشباب البحريني الذين يعملون في القطاع الخاص من سوء التعامل المهني والوظيفي وحتى الأخلاقي في بعض الأحيان من طرف إدارات تلكم القطاعات الخاصة، بل قد تؤذيهم المعاملات التي تتسم بالتمييز من قبل الموارد البشرية أو من بعض المسؤولين المتعجرفين، خاصة من جهة المسؤولين الأجانب.كلنا يعرف جيداً أن القطاع الخاص ربما يكون أكثر صرامة في تطبيق القانون، حيث إن هذه المؤسسات هي مؤسسات ربحية وتجارية، وما يعنيها في المقام الأول هو قدرة الموظف على الإنتاجية والعمل بكامل طاقته، لكن في ذات الوقت، يجب أن تعلم تلكم المؤسسات الخاصة أن الموظف بشر مثلنا، كما عليه واجبات كذلك له الكثير من الحقوق، ولهذا جاء قانون العمل لحماية الموظف والعامل، ومع كل هذا الوضوح، نجد الكثير من المؤسسات الخاصة تلتف حول القوانين في مملكة البحرين، مما يدفعها ذلك أن تساوم العامل في رزقه لو فكر أن يقوم باللجوء إلى القانون أو القضاء، وفي هذا السلوك غير الحضاري منقصة لقيمة الإنسان العامل.لعل من أبرز متطلبات العمل في القطاع الخاص، وكما تؤكده بروتوكولات المقابلات الشخصية عند العمل، هو أن يتحمل العامل ضغط العمل ويصبر ويحتسب ويؤمن أن الإجهاد حق، والأذى في سبيل الأرباح حق، والتعب وتمضية نصف يومك في العمل ولو على حساب نفسك وعيالك وخصوصياتك حق، وأن تتحمل كل هذه الضغوطات ولو كان راتبك لا يكفي هو عين الحق كذلك، لكن، هنالك الكثير من المؤسسات تتغافل عن فكرة أخلاقية في غاية الأهمية، وهي أن العامل والموظف هو إنسان، له طاقة معينة للتحمل وضغط العمل، فالإنسان الذي لا ترضى مؤسسته أن يتغيب لتعب أو مرض أو لضيقٍ قد يصيبه بسبب الضغط الذي يشكله عمله، هي مؤسسات غير إنسانية وتحتاج أن تعيد النظر في طبيعة وظائفها وطريقة تعاملها مع موظفيها الذين لولاهم لما نجحت هذه الشركة ولا ربحت تلك، فالأرباح لا يجب أن تكون هي العملية الوحيدة في وعي وثقافة الشركات الخاصة، بل هنالك قيم إنسانية لا يجوز تخطيها أو الالتفاف حولها بمراوغة القوانين أو بالتهديد المبطن باستلاب لقمة عيش المواطن تحت ذرائع شتى.بطبيعة الحال، نحن ضد العامل الكسول كما أننا ضد الموظف المتسيب، وإنما حديثنا في العموم يحاكي كل موظف يقوم بإنجاز واجباته على أكمل وجه، لكننا في ذات الوقت لا يمكن أن نتقبل بأن يكون آلة في الماكينة الرأسمالية الجشعة، والتي يدير الكثير من آلاتها مؤسسات تجارية ربحية خالصة تتحكم في سوق العمل تسمى بالقطاع الخاص، فالعمل رسالة وعطاء وقيم نبيلة يتقاسم وعيها كل من العامل ورب العمل بوحي من العدالة الإنسانية.
Opinion
أنسنة القطاع الخاص
26 مارس 2016