هل ثمة سيناريوهات كارثية يمكن أن يواجهها أهل الفلوجة أكبر من صرخة موت يطلقونها في عالم أصم؟ هل ثمة كلمة مفتاحية يلقي بها «المستضعفون» لتسمع من لا حياة له؟ بحجم وحشية التجويع اللاأخلاقي، والنزيف البشري، والجنائز المترامية في كل صوب وناحية كالجراد، في سبيل التطهير العرقي أو المذهبي، وذنب أبناء الفلوجة الوحيد أنهم ولدوا «مسلمين»!!لعلنا لسنا بصدد حرب طائفية كما أراد تصويرها المعتدي وميليشياته، بل إننا نقف على أعتاب حرب دينية بامتياز، تبعدنا عن المذهب إلى ثوابت الإسلام، الأمر الوحيد الذي يفصل بين «المستضعفين» في الفلوجة، وبين وحشية لا تمت للدين بكافة مذاهبه بصلة. إن الوقوف على حصار الفلوجة بعين فاحصة لن ينأى بنا عن حصار مضايا وتعز، فما أشبه اليوم بالبارحة باختلاف الأمكنة، وهو إن دل على شيء فإنما يشير إلى أن ثمة فكر ميليشياوي مشترك مسؤول عن تلك الفواجع الثلاث، وأن من يقوم بالحصار ويمارسه في الفلوجة، إنما هو خريج نفس المدرسة الجنائية الطائفية اللاإنسانية التي مارست وحشيتها ولا أخلاقيتها في كل من مضايا وتعز، ففي مضايا «حزب الله»، وفي تعز الحوثيين، وفي الفلوجة «الحشد الشعبي» الإرهابي، ولا يمكن تصديق أنه لا شأن للنظام الإيراني بكل ما يحدث!! وكان يجب أن نتوقع الحصار بشكل استباقي.. ولكننا – كعادتنا – لم نتعظ.وعندما ضاق أهل الفلوجة ذرعاً، والعالم يمارس كافة ملذاته متفرجاً على مشاهد البؤس الفلوجي دون ضمير، لم يجدوا لتلك الشدة إلا «سلمان الحزم والردع»، يطلبونه النجدة وهو أهل لها، وقد قالها في اليمن وفعل. لكن السؤال الذي بات يفرض نفسه باستمرار في ظل ما تشهده المنطقة من بلطجة فاضحة معلنة، هل ما زلنا في زمن المعتصم؟! أين الاتفاقيات الدولية وجرائم الحرب وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي أصبحت إيران زبوناً دائماً لها لنصرة «مستضعفي» البحرين وغيرها؟! أين كل تلك الاتفاقيات والمنظمات عن الفلوجة؟!يبدو العالم كله متورطاً، عندما يكتف يديه متفرجاً على مسرح الجريمة وهي تُمارس دون أن يحرك ساكناً، ويسمع صرخات اليتامى وعويل الأرامل فلا تهتز منه شعرة، وهو ما يدعو للسؤال، إن كانت رأس الحية «إيران» قد اشترت الصمت الدولي الآثم بتوماناتها النجسة وصفقاتها الحمراء التي باتت تلوح بها في كل مكان لكل راغب.* اختلاج النبض:في ظل ذلك التواطؤ الدولي المعلن، وبصمات أصابع حكومة حيدر العبادي مطبوعة في مسرح جريمة الفلوجة دون تورع.. هل يمكن القول إننا أصبحنا في زمن «البلطجة الدولية»؟! هل يمكن القول أيضاً إننا عدنا لزمن المعتصم؟!
Opinion
النفاق الدولي يعيد المعتصم للحياة!
28 مارس 2016