بإمكان شريحة الشباب في مجتمع يمتاز بأغلبية عمرية شبابية أن «يحرق» البلد برمتها، وأن يحرق نفسه معها، ويحرق مستقبله، ويهدم كل شيء على الأرض، متى ما قررت جموع الشباب ذلك. لكن في المقابل بإمكان شريحة الشباب هذه، في مجتمع حتى وإن لم تتركز نسبته الطاغية في الشباب، أن يحول بلده إلى جنة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، طبعاً متى ما قررت جموع الشباب ذلك. وبالتالي فأنتم يا «معشر الشباب» بين خيارين، إما أن تكونوا رقماً صعباً في عملية البناء والتطوير والتعمير والتميز، أو تكونوا رقماً سلبياً يضر بلاده ويخرب منجزاتها. لذا، دائماً ما نقول إن الشباب هم «وقود»، إن أسيء استخدامه حرق كل شيء أمامه، وإن أحسن استخدامه والاستفادة منه انطلق بكل قوة واندفاع وحماس. من يحاول تحطيم الأوطان ويثير الفتن فيها ويعمل على إقلاق المجتمعات أمنياً واقتصادياً، تراه دائماً يدخل من منطلق الشباب، تراه يسعى ويستميت للسيطرة عليهم وغسل أدمغتهم والتأثير عليهم، لأنه يدرك أن تحطيم الشباب هي خطوة أولى لتدمير مستقبل أي وطن، والخطة هنا بتحويل أهم سلاح يمتلكه الوطن - أي الشباب - إلى صدر الوطن، ليتجنب أن يكون هذا الشباب سلاحاً ضده واقفاً حامياً عن وطنه. وعلى العكس تماماً، الدول التي تحمي نفسها، وتقوي جبهاتها الداخلية والخارجية، وتبرز بقوة وإيجابية، هي تلك التي تحتضن الشباب، وتحتويهم، وتهيء لهم السبل والطرق ليطوروا من قدراتهم، فهم السلاح الأقوى الذي تملكه، هم من يحركون المجتمع، وهم من يفشي الممارسات الإيجابية فيه لو أرادوا. بالتالي الرسالة التي نوجهها لمعشر الشباب في البحرين تتلخص في أمور بسيطة غير معقدة، لكنها هامة جداً، بالالتزام بها والتمثل بها يمكننا قيادة بلدنا الحبيبة البحرين لتتميز وتبدع في أعمالها وممارساتها، يمكننا أن نساهم في التطوير والإصلاح الذي هو شعار مشروعنا الوطني الشامل الذي أطلقه جلالة الملك حفظه الله، بإمكاننا أن نتصدى للأخطاء ونبدلها بإيجابيات عبر تأسيس صحيح لآليات وخطط ذكية ناجعة. وعليه أنت كشاب عليك أن تدرك حقيقة «واجباتك» تجاه هذا الوطن، وألا تقف فقط عند «الحقوق» كمصطلح ومفهوم، ونصيحة هنا، لا تفتح آذانك لمن يحاول أن يدخل في عقلك ويقول لك في كل شاردة وواردة بأن «هذا حقك» و»هذه مستحقاتك» و»هذه حربك» محاولاً سحبك بقوة إلى جانب «الحقوق» بتعمد إلهائك وإنسائك لـ «واجباتك» تجاه الوطن. الوطن لا يكون أبداً ظالماً لأهله الإيجابيين المخلصين له، هذه قاعدة ضعوها يا شباب في أذهانكم، والبحرين من أكثر الدول التي تطبق هذه المعادلة بل تتجاوزها بمنح الفرص وممارسة التسامح حتى مع الشباب الذين غرر بهم وشذوا عن الصواب. أقول البحرين تفعل، لأن المبادرات الموجودة لاحتضان الشباب كثيرة، والبرامج المخصصة لهم بهدف التطوير والاحتضان آخذة في التزايد، وبالتالي مسألة «الحقوق» متحققة وبشكل متنوع، وعليه فإن من المهم كشاب حتى تصل لمعادلة التوازن في حياتك ومسيرتك العملية ألا تنسى «واجباتك» تجاه الوطن. أنتم كشباب تخطون خطواتكم الواثقة تجاه الرجولة والنضوج، لابد ألا تسلموا إرادتكم بسهولة لأي شخص يحاول أن يستغلها لأجل مصالحه ومآربه، وهنا أصدقوا القول مع أنفسكم، إذ كم من مشتغلين في السياسة وبعض الجمعيات وكم من معتلي المنابر الدينية المسيسة حاول أن يصل لكم، حاول أن «يثير» لديكم الحمية ويحفزكم وحتى يوجههكم ضد البلد والنظام وضد المكونات الأخرى للمجتمع، كم منهم حاول إيهامكم بأن محاربة بلادكم ونظامكم وقانونها «حرب مقدسة» مباركة من الرب؟!أنتم بيدكم التغيير وعبر عقولكم التقييم، البلد مهما كانت فيها من نواقص وسلبيات إلا أن دعوات المعنيين بها ومساعيهم لا تخرج عن إطار البناء والتطوير والتصحيح، ولا تنتهج نهج الفوضى والتخريب وحرق المنجزات. لذا نقولها بحرقة حينما نرى شباباً يضيعون وقتهم ويفنون زهرة شبابهم في العمل ضد بلادهم، إذ موقعهم الطبيعي المفروض حماية البلد وتطويرها والارتقاء بها. الاهتمام واضح اليوم بالشباب، والدولة عبر قطاعاتها ومؤسساتها فاتحة أذرعها بكل قوة، فماذا ينتظر بعض الشباب الذين ابتعدوا عن الخط الوطني ليعود إليه وليكونوا عوناً له لا عوناً عليه؟!