إن لبنان اليوم أمام مفترق طرق، فهو للأسف الشديد يأخذ مواقف مناهضة للعرب، ومخالفة لمصلحته الوطنية، وذلك لإرضاء فريق معين. والحكومة عاجزة عن الحزم، وعن الأخذ بزمام الأمور، ولا يمكن الاعتماد عليها لإرجاع لبنان إلى كنف العروبة. ولاشك في أن لبنان اليوم «مغلوب على أمره» كما قال الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد، لذلك فإن خط دفاع لبنان الأخير في هذا الوضع المأزوم هو وثيقة الوفاق الوطني أو «اتفاق الطائف» الذي يمثل ضمانة لوحدة لبنان ولعروبته.وبينما لبنان غارق في معمعة ملف النفايات، ورئاسة الجمهورية المعطلة، ومجلس النواب، الذي أكل عليه الدهر وشرب، والفلتان الأمني، وسلاح «حزب الله»، الذي تجاوز حدود جنوب لبنان، وأصبح منتشراً في سوريا والعراق واليمن، لا يتكلم أحد عن أهمية المحافظة على «اتفاق الطائف». هناك أمران مهمان يقرهما «اتفاق الطائف»، وهما ضروريان لمستقبل لبنان، ألا وهما وحدة لبنان وعروبة لبنان. وبينما يتم طرح مبدأ الفيدرالية في سوريا فإنه في ذات الوقت يجب التمسك بوحدة لبنان. وبالرغم من أن لبنان ليس باستطاعته التأثير على قرار القوى الدولية، فيما يخص سوريا، ولكن لبنان يستطيع أن يحافظ على الأقل على دستوره الحالي. «اتفاق الطائف» أكد بشكل صريح على وحدة لبنان فلا تجزئة أو تقسيم أو توطين، ولننظر إلى الفيدرالية، ماذا فعلت بالعراق؟ لم تحل مشاكل الطائفية بل كرستها، وأدت إلى مزيد من المنازعات بين مختلف الأطراف وإلى التمزق والتشتت الوطني وحتى إلى تغييب الهوية الوطنية لتحل محلها الهوية الطائفية. اليوم يقف لبنان عند نقطة مفصلية في تاريخه، فهوية لبنان وانتماؤه على المحك، نحن لا نريد أن نصبح كالعراق! العراق مهد الحضارة العربية، أسقط من دستوره عبارة «العراق دولة عربية»! لذلك فنحن نتمسك باتفاق الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية، واحتضنه العرب بالطائف، والذي يؤكد على عروبة لبنان. وبعدما كان الدستور الأول يصف لبنان بأنه «ذو وجه عربي» أتى اتفاق الطائف لينص بشكل قاطع وصريح وواضح أن «لبنان عربي الهوية والانتماء». واليوم كل المحاولات لتخريب العلاقة بين لبنان والمجتمع العربي ولنشر الفوضى داخلياً ولشل مؤسسات الدولة هدفها نقض «اتفاق الطائف»، واعتبار وثيقة الوفاق الوطني باطلة والدعوة إلى عقد مؤتمر تأسيسي جديد وإلى دستور جديد مماثل للدستور العراقي، متجرد من الهوية العربية للدولة.وفي ظل الظروف العسيرة التي يعيشها لبنان، يبقى «اتفاق الطائف» طوق النجاة ليتجاوز الفتن وليحافظ على وحدته وعروبته.