في أوقات الأزمات المالية، وتراجع أسعار النفط من الصعب التوقع بظهور أخبار جيدة، لكن يبدو أن هذه الظروف المعقدة وتزايد حدة الحروب الإقليمية ومواجهات الإرهاب كان لها جانباً إيجابياً لم تنتبه إليه دول مجلس التعاون الخليجي.نحو 21 تقدماً أحرزتها جيوش دول مجلس التعاون الخليجي في تصنيف «GFP» لأقوى جيوش العالم لعام 2016. التصنيف الدولي يشمل 126 دولة في العالم، ويقوم على 50 معياراً ليس من بينها القوة النووية، ما يعد مقياساً مهماً للتعرف والمقارنة بين القدرات العسكرية لخوض الحروب التقليدية.الحروب الأخيرة التي خاضتها دول مجلس التعاون الخليجي، والمناورات العسكرية الدورية، والاهتمام بتطوير القدرات العسكرية بالتسلح الذاتي عبر تطوير الصناعات العسكرية أو شراء أحدث منظومات السلاح ساهم كثيراً في تأسيس القوة الخليجية العسكرية الناشئة.دول مجلس التعاون التي لم تعتد خوض الحروب والمواجهات العسكرية منذ تأسيسها الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين، باتت اليوم تصنف من أقوى الجيوش على مستوى العالم.حاجة هذه الدول للقوة العسكرية مهم للغاية، لأنها تمر بمرحلة تحوّل في قوتها السياسية التي اعتمدت منذ عدة قرون على الأجنبي في الدفاع الذاتي وحماية سيادتها، والآن تتحول لمرحلة الاعتماد الذاتي.لا يمكن الاكتفاء بالقوة السياسية أو الاقتصادية دون غطاء عسكري، مثل هذا الغطاء لا يتحقق إلا بتطوير القدرات العسكرية الخليجية، أو تعظيمها من خلال التحالفات البينية الخليجية، أو عن طريق إقامة تحالفات أوسع كما هي الحال في تحالف «رعد الشمال».وتفاصيل التصنيف مثيرة للغاية، فدول المجلس لديها قدرات على تجنيد أكثر من 688 ألف جندي سنوياً، والقارئ المتفحص للتفاصيل يمكن أن يتعرف على الفرص الواعدة لمستقبل القوة العسكرية الخليجية إذا تم الاستفادة منها بشكل جماعي في مواجهة التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية.كل هذه التفاصيل تؤكد لنا الحاجة لقوة عسكرية خليجية تسود التفاعلات في النظام الإقليمي الخليجي بدلاً من الاعتماد على القوات الأجنبية، فدول مجلس التعاون هي المعنية الأولى والمسؤولة الأكبر بأمنها وأمن إقليمها الإستراتيجي دولياً.اللافت في تصنيف «GFP» أن الدول العربية التي خضعت للنفوذ الإيراني جاءت في آخر التصنيف، ما يعكس دور طهران في هدم القدرات العسكرية لهذه الدول لتحقيق مصالح الأولى.الفرص واعدة لظهور قوة عسكرية خليجية مشتركة، فلا اعتبار لقوة غير تقليدية دون أساس تقليدي قوي، هذه الحقيقة يجب أن تعيها دول مجلس التعاون، خصوصاً وأننا في أوان الحزم والحسم.