الأحكام بالسجن التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ضد 34 متهماً في القضية المعروفة باسم «مجموعة شباب المنارة» هي المشهد الأخير في موضوع هذه الشبكة التي تم اكتشافها قبل أن تبدأ بتنفيذ الأعمال الإرهابية التي كانت تخطط لها في أراضي الإمارات و»تعرض أمنها وسلامتها وحياة الأفراد فيها للخطر». لكن هذه المجموعة التي كان يرأسها خالد كلنتر وضمت عناصر من جنسيات عدة بينهم إماراتيون ربما ليست الوحيدة التي تم إنشاؤها في الإمارات، والأكيد أنها ليست الأخيرة، فالتجربة أثبتت أن مريدي السوء لا يضعون بيضهم كله في سلة واحدة، وأنهم سرعان ما يعيدون تنظيم صفوفهم وتعديل خططهم. أي أنه ينبغي عدم الاعتقاد بأن الأمر انتهى باكتشاف هذه المجموعة أو بإصدار الأحكام ضد عناصرها، كما ينبغي تكثيف الجهود لاكتشاف مجموعات أخرى ربما تم إنشاؤها من قبل أو يتم إنشاؤها حالياً أو لاحقاً، ليس في الإمارات وحدها ولكن في مختلف دول مجلس التعاون التي هي اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى ويسعى البعض إلى جعلها ساحة فوضى. أهداف هذه المجموعة كما جاء في لائحة الادعاء هي «إلحاق الضرر في المرافق العامة والخاصة للانقضاض على السلطة في الدولة، وإقامة دولة خلافة مزعومة على نحو يتفق وأفكارهم ومعتقداتهم التكفيرية المتطرفة»، بينما أفاد النائب العام بأن التحقيقات أكدت أن المتهمين «أعدوا الأسلحة النارية والذخائر والمواد التفجيرية اللازمة بأموال جمعوها لتنفيذ أهدافهم وأعمالهم الإرهابية، وأنهم تواصلوا مع منظمات وجماعات إرهابية خارجية قدمت لهم الأموال والأشخاص للاستعانة بهم في تحقيق أهدافهم وأغراضهم داخل الدولة».خطورة هذه المجموعة تكمن بالدرجة الأولى في أنهم «شكلوا في ما بينهم هيكلاً إدارياً لإدارة شؤون جماعتهم الإرهابية، ضم لجاناً وخلايا محددة المهمات، وكلفوا فيه أحدهم رئاسة الجماعة والإشراف العام على أعمالها وإصدار الأوامر والتعليمات وتحديد الواجبات والأدوار لكل لجنة ووضع السياسة العامة والأهداف ووسائل تحقيقها وكيفية التواصل مع جبهات القتال الخارجية وتقديم الدعم المادي لها ووضع التوجيهات والخطط» ونصبوا شخصاً آخر «نائباً للرئيس، من مسؤولياته الإشراف على الإدارات ومتابعة تنفيذ المقترحات والفعاليات وحددوا مهمات اللجان التي شكلوها لاستقطاب الشباب من أبناء الدولة وضمهم للجماعة بهدف تنفيذ مخطط جماعتهم وأعمالها الإرهابية»، وهذا يعني أن المجموعة تم تأسيسها من قبل أناس يمتلكون الخبرة الواسعة في هذا المجال، ولديهم التمويل اللازم لعمل كل ما يريدون عمله، وأنهم كانوا قادرين على «بث المعتقدات والأفكار التكفيرية المتطرفة في نفوس الشباب من خلال نشاط ظاهره ديني دعوي، ثم تدريبهم على الأعمال الإرهابية القتالية وتصنيع المتفجرات واستعمالها في أنشطة مخيمات أنشؤوها لتلك الأغراض»، وكل هذا خطر، أما الأخطر منه فهو أن هدف هذه المجموعات ليس الإمارات وحدها وإنما كل دول مجلس التعاون، الأمر الذي يتطلب العمل بصورة جماعية والتعاون بين الأجهزة المعنية في دول المجلس كي لا يحصل مريدو السوء على فرصة اللعب على المتناقضات والتي يجيدونها ويبرعون فيها.«مجموعة شباب المنارة» لم تكن تهدف إلى تهديد أمن وزعزعة استقرار الإمارات وحدها، ولكن كل دول مجلس التعاون من دون استثناء، تماماً مثلما أن المجموعات الأخرى التي تم اكتشافها في البحرين والسعودية والكويت لا تهدف إلى تهديد أمن وزعزعة استقرار الدول التي تم اكتشافها فيها وحدها، لهذا فإن المنطق يفرض العمل معاً لمواجهة هذا المخطط الذي يبدو كبيراً، وليس من تم إلقاء القبض عليهم من تلك المجموعات سوى بعض أدواته.لن يكون مفاجئاً الإعلان خلال الفترة المقبلة عن اكتشاف مجموعات أخرى في مختلف دول المجلس، وينبغي ألا يكون مفاجئاً العمل معاً لتحقيق ذلك.