هل سيتغير موقف أمريكا من إيران بعد إدانتها مؤخراً بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر 2001 بمشاركة القاعدة و»حزب الله» في تخطيط وتنفيذ تلك الهجمات؟!وقد حكمت محكمة أمريكية في نيويورك على إيران بدفع 10.5 مليارات دولار لأسر الضحايا الذين قتلوا في تلك الهجمات، وربما يتضاعف هذا المبلغ باحتساب فوائد التعويض إلى ما قبل صدور الحكم إلى 21 مليار دولار.ما أود التطرق إليه ليس الموضوع المادي، ولكن ما يهمنا هو الموقف السياسي الأمريكي من إيران، ولطالما كانت مواقف أمريكا من إيران متباينة وغير واضحة وضبابية، ولكن هل ستجد الإدارة الأمريكية بعد صدور هذا الحكم من محكمة أمريكية حجة قوية لتغيير المواقف أو زيادة وضوحها؟ خاصة وأن القضية تتعلق بهجمات هي الأسوأ في تاريخ أمريكا والتي راح ضحيتها آلاف من القتلى والجرحى.الموقف الإيراني غير واضح، فلم نقرأ أي تعليق رسمي من الحكومة الإيرانية على إدانة حكم المحكمة، بالرغم من أن الإعلام المقرب من الحكومة الإيرانية والمتمثل في وكالة أنباء فارس، قد قلل من أهمية الوثائق التي نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية من قبل موظفي وكالة الاستخبارات الأمريكية، ووصفت تلك الوثائق بـ»الشهادات الكاذبة»، معتبرة أن «مصادرها «وهمية وهي محاولات للنيل من إيران و»حزب الله»».وبعد ذلك كله، هناك تساؤلات هامة تطرح نفسها بعد حكم المحكمة، بالإضافة إلى السؤال الأهم وهو: هل سيتغير موقف الولايات المتحدة الأمريكية من إيران بعد إدانة تلك المحكمة؟ وهل ستطالب أمريكا بالتعويضات لصالح أهالي الضحايا؟ وهل سيكون موقف أمريكا واضح هذه المرة بشأن مستقبل العلاقات مع إيران؟ هل ستحظى دول الخليج العربي بدعم أكبر من أمريكا ضد إيران التي دأبت على التدخل في شؤون دول الخليج؟ هل ستعمل أمريكا على تقليص التدخلات الإيرانية في شؤون دول عربية أخرى مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن؟ وما هو مستقبل الاتفاق النووي؟كل تلك التساؤلات ستغير أجوبتها من وجه المنطقة، كما غيرت هجمات 11 سبتمبر وجه العالم والشرق الأوسط بالذات.إيران نفسها كانت تظهر دائماً العداوة والبغضاء لتنظيم «القاعدة» وتشن عليه حرباً ضروس وتلقي باللائمة على تأسيس هذا الكيان على دول أخرى وبدعم أمريكي، ولكن بعد الحكم الأمريكي المذكور، كيف ستدار خارطة العلاقات الأمريكية الإيرانية؟ خاصة بعد تأكيد قاضي المحكمة وبالوثائق وجود تعاون بين «القاعدة» وإيران و»حزب الله» في تنفيذ الهجمات.وهذا «التعاون الثلاثي» يدفعنا لتساؤل آخر وهو: هل يوجد «علاقات تعاون» بين تنظيم الدولة «داعش» وإيران؟ بالرغم من وجود حرب مستعرة حالياً بين التنظيم والميليشيات المحسوبة على إيران مثل «الحشد الشعبي» في العراق، و»حزب الله» في لبنان والحرس الثوري وتعاونه مع جيش بشار الأسد في سوريا.لطالما عانت دول الخليج العربي من التدخلات الإيرانية، وسعي طهران لإثارة القلاقل من خلال «طابورها الخامس» في المنطقة، ولكن الولايات المتحدة عودتنا على «البرود»، وعدم الجدية الكافية في التعامل مع تلك التدخلات الإيرانية، وربما الإدارة الامريكية كانت ترى أن إثارة النظام الإيراني ليس من مصالحها القومية الرئيسة، ولكن وفي الوقت الراهن هل ستعيد أمريكا «جدولة» مصالحها القومية وتحدد فيها مستقبل العلاقات مع إيران؟ أم ستستمر في «برودها» في التعامل مع الإرهاب الإيراني، وبذلك ستضحي أمريكا بحقوق الآلاف من مواطنيها الذين قضوا في هجمات سبتمبر؟