استمرار البعض في اختطاف الشوارع والطرقات وإشعال النار في إطارات السيارات وتعطيل حركة المرور فيها وتلويث الجو بالأدخنة السوداء لا يعني أن الحراك لايزال قوياً وقادراً على الاستمرار وأن «المعارضة» مصرة على مطالبها ومواقفها، ذلك أن الاستمرار في هذا الفعل السالب يدفع العالم نحو الاعتقاد أن هذه «المعارضة» لاتزال تعيش مرحلة المراهقة وأنها لم تتطور وقد لا تتطور، خصوصاً وأن هذا الفعل لا يتسبب إلا في تعطيل وإرباك حياة الناس وإزعاجهم والتسبب في أذاهم وتعريضهم للخطر، وبالتأكيد ليس هذا هو الهدف من ذلك. أيضاً استمرار ذلك البعض في القيام بهذه الأعمال للتعبير عن موقف «المعارضة» من سباق «الفورمولا 1» يسيء لها ويقلل من شأن قادتها، فعندما يرى العالم موقفها السالب هذا من مشروع مهم كهذا ويرى ممارسة متخلفة كهذه تدعو لها وتساندها أو تغض الطرف عنها وتوفر المبررات لمنفذيها، أو تقوم بها عناصر محسوبة عليها أو عناصر تستغل اسمها فإن من الطبيعي أن يقول العالم عنها كل ما لا يسرها ويعتبرها مراهقة ولا يتعاطف حتى معها. مهم جداً تجاوز مرحلة المراهقة هذه والتوقف عن كل ممارسة لا ينتج عنها سوى أذى الناس، وهذا يشمل حتى المسيرات قليلة العدد عديمة المردود وغيرها من الممارسات السالبة. هذه الأدوات تم توظيفها في مرحلة معينة ولم تعد مناسبة للمرحلة الحالية، والتوقف عن استخدامها لا يعني تغيير الموقف وانتهاء الحراك أو التوقف عن المطالب الحقة، عدا عن أن الحكومة لا يمكن أن تستجيب لأي مطالبة يمارس أصحابها هذا الأسلوب ويعتمدون هذه الطريقة، فللمطالبة أيضاً أصول، وهذه الممارسات بعيدة عن تلك الأصول وبعيدة عن الخط الجميل الذي يزيد الحق وضوحاً. هذه الممارسة وغيرها من الممارسات السالبة تصنف في خانة الخط القبيح الذي ينفر ذوي العلاقة من المطالبات وأصحابها. لو أن الجمعيات السياسية اتخذت قراراً بالتوقف عن هذه الممارسات ومنع من يقوم بها من القيام بها لتحققت أمور كثيرة عادت على المواطنين بالنفع الكبير. هذه الممارسات لا يمكن أن تكون سبباً في استجابة الحكومة لأية مطالب لأنها من الطبيعي أن تصنف من يقوم بها في خانة غير العاقل والمراهق، وتصنف من ثم «المعارضة» بأنها مراهقة، وليست في مستوى شغل هذه المساحة. ترى كيف للحكومة أن تتفاعل مع ذلك وتستجيب لمن لا يهمه ما يجري على الناس بسبب ممارساته المتخلفة تلك؟ اتخاذ الجمعيات السياسية قراراً واضحاً وحازماً بالتوقف عن تلك الممارسة وغيرها من الممارسات السالبة ومنع القيام بها من قبل المحسوبين عليها والتصدي لكل من يمارسها واتخاذ موقف منه يعلي من شأنها ويجعل الحكومة تنظر إليها باحترام وتقرر أنها وصلت إلى المرحلة التي يمكن التعامل معها بطريقة مختلفة. استمرار تلك الممارسات الخاطئة يقوي من موقف الحكومة ولا يضعفها عدا أنها لا تتأثر بها، فالمتأثر بسبب تلك الممارسات هي «المعارضة» على اختلافها والمطالبات والحراك. اختطاف الشوارع والطرقات ظلم للناس وللجمعيات السياسية وتعبير عن عدم تمكن «المعارضة» من تطوير نفسها وأدواتها وتأكيد على فقدانها السيطرة على الصغار الذين اعتمدت عليهم في تحركها.التوقف عن هذه الممارسات السالبة من شأنه أن يشجع الحكومة على تغيير نظرتها لـ»المعارضة» بل ومساعدتها على ممارسة دورها وتحقيق أهدافها والتوصل معها إلى نقطة التقاء تعين على حل الكثير من المشكلات، أما الاستمرار في هذه الممارسات التي يروح ضحيتها فاعلوها ومن رفعوا شعار الانتصار لهم والدفاع عن حقوقهم فالأكيد أنه يضعف موقف «المعارضة» ويقلل من شأنها ويحرم العالم حتى من التعاطف معها، فالعالم لا يتعاطف مع من لا يفرق بين النضال والتخريب.