تداولت وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس رسالة تتهم مرسوماً ملكياً سيصوت عليه مجلس النواب يوم الثلاثاء بأنه مرسوم بمقتضاه تصبح جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء باطلة ولا يصح الرجوع إليها أو التعويل عليها، لأن «الاتفاقية» التي انضمت لها البحرين عام 2002 ستنسخ الشريعة!!!!!!!! لاحظوا قبل أن أسترسل في الرد على كاتب هذه الرسالة أنه يحذر من الاتفاقية الأصلية لا من التعديلات فحسب، والاتفاقية مضى على انضمام البحرين لها ما يقارب الـ15 عاماً، فهل نسخت هذه الاتفاقية أياً من أحكام الشريعة؟ هل هناك أثر طوال الخمسة عشر عاماً الماضية على أي تهاون أو تساهل أو تسيب في تطبيق الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء وبالأسرة في محاكمنا؟ فعلى أي أساس بنيت تلك الاتهامات؟ الحق أنه طوال الخمسة عشر عاماً الماضية تحسنت أوضاع المحاكم الشرعية وصدر قانون أحكام الأسرة وتحسنت قوانين العنف ضد المرأة وقانون الجنسية في طريقه للحل، ولم نرَ قانوناً أو إجراء أو حكماً صدر من قضائنا مس بسوء حكم الشرع في قضايا المرأة أو الطفل أو الأسرة، رغم أن الاتفاقية موجودة منذ عام 2002.نعود لما جاء في الرسالة مجهولة المصدر ولماذا اخترنا أن نقف عندها ونهتم بها، السبب الرئيس خطورة الاتهام الذي ورد فيها وكتابتها بنفس تشريعي وكأن من كتبها يحمل نفس المشرع وبالتأكيد لديه نسخة من المرسوم الملكي، وله موقف كنا سنحترمه لو أنه أفصح عن اسمه، لكنه خاف وجبن لأنه يتهم جلالة الملك وهو مصدر المرسوم بأنه غير أمين على الأسرة البحرينية وغير أمين على الأحكام الشرعية، وهو ما لا يجب أن يمر مرور الكرام، ولابد أن يعرف مصدر هذه الرسالة ليس لأنها تحمل رأياً مخالفاً للمرسوم، فالاختلاف في الرأي وارد ويحترم حق الإنسان في الاختلاف، إنما ذلك لم يكن رأياً بل اتهاماً خطيراً لابد أن يساءل عليه قانونياً فالبينة على من ادعى.أما عن المرسوم موضع الجدل فهو لدى مجلس النواب وتدرس لجنة المرأة فيه لتقدم به تقريراً يوم الثلاثاء من أجل التصويت عليه، وهو خاص بتعديل «صياغة» موقف البحرين من بعض البنود على الاتفاقية ولن يغير موقفها شيئاً فالاتفاقية قائمة قائمة منذ 2002، وما نحن متحفظون عليه لن يتغير بل بالعكس، فإن التعديلات طالت الصياغة التحفظية فتشددت بها أكثر، خاصة بتلك البنود التي «تحفظت» عليها البحرين لأن بها مخالفات لا تتفق وأحكامنا الشرعية، وسيصوت النواب على تعديلات ستحدد بالنص ما هي هذه المواد التي ستؤكد البحرين بأنها لن ولم تسمح بها ولن تخالف الأحكام الشرعية الإسلامية فيها وهو الموقف الذي اعتمدته المملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى.بمعنى أن ما ستقدمه البحرين هو أكثر تشدداً وتحديداً للمواد التي لن ولم يجبرها أحد على تطبيقها لأنها نصت على ذلك بكل وضوح، وشرطك الذي وضعته لا يمكن لأحد إجبارك على خرقه وعدم الالتزام به، فهناك سيادة وطنية تحصنك وهناك مرجعية وطنية هي ميثاقك ودستورك، فإن خالفت أي اتفاقية دولية -هذه أو غيرها- هذه المرجعية، فإن الحكم الفاصل في الخلاف هو لها أي للميثاق والدستور الوطني، لا العكس.نعلم حساسيتنا من موضوع الاتفاقات الدولية بشكل عام خاصة بعد أحداث 2011 قد يكون هناك دافع لهذا التخوف، ورأينا كيف استغلتها المجموعة الانقلابية أسوأ استغلال، لكننا نعلم أيضاً أنه خلال السنوات الماضية لم تستطع قوة على الأرض أن تجبرنا على ما يخالف دستورنا وميثاقنا فكيف ستجبرنا على المساس بديننا وشرعنا؟الأهم أن المبدأ العام والقاعدة العامة في جميع الاتفاقات الدولية أن «أولويات الدولة» يحددها شعبها، وبالنسبة لنا شعبنا وحكومتنا وقبل ذلك ملكنا الذي هو على رأس السلطات، هم من سيحددون ما نقبله وما لا نقبله والدستور مرجعنا، ولولا تلك الضمانات ما انضمت دولة لأي اتفاقية دولية أياً كان نوعها.إنما دعك من هذه التفاصيل ولنقف عند نائب في البرلمان أو جمعية سياسية أو أي مجموعة تدعي أن دافعها وراء كتابة هذا البيان كان حرصها على الدين، فأي نوع من الدفاع هذا الذي يخشى وضع اسمه؟ ألا يستحق دينك الذي تدعي الحرص عليه أن تكتب اسمك وتتصدى بنفسك للذود عنه والدفاع عنه؟ وهل هذا هو رأيك في من أشار بوضع المرسوم الملكي وصاغه بكل شخوصهم وقدموه باسم جلالة الملك؟ أناس يسعون لهدم الأسرة و إشاعة الزنا وزواج المثليين ووو إرضاء للغرب؟يعلم من كتب البيان أن المنطق القانوني لديه ضعيف ومهتز، ويعرف أن الاتفاقية مضى عليها 15 عاماً دون أن يحدث ما يحذرنا منه، وأن المرسوم لن يغير من واقع الأمر شيئاً، فلجأ إلى الابتزاز الرخيص بإقحام آيات قرآنية في بيانه إقحاماً يجيش به المشاعر للضغط على النواب ويجعل التصويت على المرسوم هو قبول بالزنا والإجهاض وزواج المثليين دون أن يعبأ بالأضرار التي لحقها بسمعة البحرين وسمعة نظامها السياسي!! ألا باس المنطق والناطق والمنطوق.
Opinion
اتهام خطير
03 أبريل 2016