يبدو أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يعيش مأزقاً صعباً، ففي الوقت الذي رحبت فيه حكومة البحرين بزيارته غداً للمشاركة في اجتماع لدول مجلس التعاون، عبر «تيار الوفاء الإسلامي» في بيان ساخن أصدره عن «رفضه» لهذه الزيارة وأكد في «رسالة وجهها إلى السفارة الأمريكية في البحرين أن مشروع مد الجسور بين الولايات المتحدة والشعب البحريني والتطبيع معه سيفشل»!شخصياً لا أعرف كيف سيتصرف كيري إزاء هذا الوضع لكن الأكيد أنه الآن في حيرة، والغالب أن مستشاريه لم يعرفوا بعد كيف يمكنهم إعانته على الخروج من هذا المأزق، فهذا التيار ليس تياراً عادياً وقد يكون جاداً في توجهه فيفشل مشروع مد الجسور بين الولايات المتحدة وشعب البحرين!بيان تيار الوفاء الذي لم ينتبه أحد إلى أنه وصل إلى هذه الدرجة التي يستطيع فيها الجزم بأن «التطبيع» مع الولايات المتحدة سيفشل أكد أن «التشدد ضد سياسة الأمريكيين في البحرين ونشاط سفارتهم ليس موقفاً عاطفياً» ولكن «لأن الولايات المتحدة «انحازت» لحكومة البحرين»، أي أنها فضلتها على تيار الوفاء الذي لم «يكن في أدبياته وفعالياته الجماهيرية معارضاً لأمريكا ولسفارتها»، أي أنه «اضطر» إلى اتخاذ هذا الموقف السلبي من الولايات المتحدة ، وأنه لهذا السبب «أهاب بجماهير الشعب البحريني والقوى المعارضة لمقاطعة الأمريكيين، واتخاذ موقف واضح من أمريكا وسفارتها، باعتبارهم شركاء في المصائب التي تجري على الشعب»!إن أي عاقل يقرأ البيان الذي أصدره تيار الوفاء الذي من الواضح أنه يريد أن يبرز نفسه بأي طريقة رغم قلة عدد المنتمين إليه لابد أن تتقافز أمام عينيه ألف علامة تعجب وعلامة، فكيف لهذا التيار غير المعترف به أن يدخل في موضوع كهذا لا قيمة لرأيه فيه ولا لموقفه؟ وزير الخارجية الأمريكي وحكومة البحرين، أين موقع هذا التيار منهما؟!لا قيمة للبيان الصادر عن هذا التيار، بل لا قيمة للتيار نفسه الذي بدل أن ينشغل بالتفكير في خدمة الناس الذين يرفع شعار الدفاع عنهم صرف وقته في صياغة بيان لا يقدم ولا يؤخر. ألم يكن الأفضل لأصحاب هذا التيار أن يستفيدوا من وقتهم في تشكيل مجموعات من المتطوعين لتنظيف القرى التي ينتمون إليها؟ ألم يكن الأفضل قيامهم بمشروع يعود على الناس بالفائدة ويسهل عليهم حياتهم؟ ترى ما الذي يمكن أن يستفيده الناس من إصدار هذا التيار لمثل هذا البيان؟ وهل بإصداره ستتأثر العلاقة بين حكومة البحرين والولايات المتحدة؟ هل بإصداره سيتردد جون كيري في زيارة البحرين؟إصدار هذا التيار لهذا البيان، وإصدار الجمعيات والحركات السياسية لمثله أو لغيره من البيانات لا قيمة لها وإن وفر لها هذا الفعل الشعور بأنها فعلت شيئاً يؤكد لها أنها لاتزال موجودة في الساحة. إصدار «المعارضة» على اختلافها لمثل هذه البيانات يعبر عن ضعفها وتخبطها وارتباكها، فمن أنت كي تعارض زيارة وزير الخارجية الأمريكي أو أي مسؤول من أي دولة لمملكة البحرين؟ ومن أنت لكي تعتقد أنك بهذا يمكن أن تحرج الولايات المتحدة أو روسيا أو بريطانيا أو فرنسا أو غيرها من الدول الكبرى؟ الوقت الذي يتم صرفه في هكذا ممارسات ينبغي أن يوظف في ما ينفع الناس الذين ترفع شعارات الانتصار لهم ونيلهم حقوقهم، فما يريده الناس لا يحصلون عليه بإصدار مثل ذلك البيان الذي لا مكان لمصدريه بين من تناولهم بيانهم.ومع هذا، من يدري، لعل كيري الآن فعلاً في مأزق، ولعله يكون بعدم تراجعه عن القيام بهذه الزيارة يتسبب في إفشال عملية «التطبيع» بين بلاده والبحرين!