في السطور التالية نطرح التساؤلات التالية كمواطنة عن مرحلة ما بعد إقرار اتفاقية «السيداو»، على أمل الظفر بجواب منطقي، لا تصريحات إنشائية، كما صادفنا سابقاً، فيما الواقع مختلف تماماً، وخير مثال على ذلك، تجارب العائلات اللواتي هربن بناتهن، وكانت خير برهان على ما نقول.منذ عام تقريباً هربت فتاة مع مجموعة من «البويات» لتقيم معهن في شقق، وتنتقل من فندق إلى آخر، مقابل لقاء «بويات» من دول أخرى، بمبالغ مالية، ولا يحسب القارئ هنا أن الفتاة فعلت ما فعلته بسبب بيئة تربوية غير صالحة، كما ادعى وزعم البعض، وظلم أهلها الملتزمون، أو بسبب مرض نفسي أو عضوي أو سلوك منحرف. كل ما يهمنا هو رد إحدى الجهات بالدولة على الصحافه بتصريح قالت فيه: «وضعنا القانون بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية»، وفي وقت سابق، احتج عدد من مشايخ الدين على الأمر، فجاءت التطمينات بأن «هناك تحفظات على القانون بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية»، وكأنه مسمار جحا، فلماذا عندما اكتشفنا واقعة هروب الفتاة، وبدلاً من استحضار دليل عدم التعارض مع الشريعة الإسلامية، انحرف الموضوع إلى أمور أخرى كالتربية والأخلاق؟ إننا نحتاج إلى تفسير لنا ولعائلات الفتيات اللواتي هربن من منازلهن، أين هذا الكلام على أرض الواقع؟ أين تطبيقه في المحاكم عندما لا يجد المحامي أو القاضي بنداً قانونياً واحداً صريح يلزم الفتاة أن تعود إلى منزلها لا إلى الشارع لتفعل ما تريد؟! عندما لا يوجد بند قانوني واحد صريح يذكر أنه لا يمكن لفتاة أن تظل دون ولي أمر كما أمر الإسلام؟! أين النصوص القانونية الصريحة التي تؤكد أن هناك فعلاً تحفظات وأننا نحو تطبيق القانون لا نسير ولا نطبق إلا ما يتناسب معنا، ونرفض ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية؟ من يقول إن هذه الاتفاقية - السيداو - تختلف عن السابق نقول له حدث هذا مع قوانين سابقة، واكتشف من انكوى بنار فقدان بناته، فكيف يكون الضمان بألا يتكرر ما حدث؟ بالأصل كان هناك تحرك من عدة أطراف في الصحافة وأعضاء مجلس النواب بتعديل بنود القوانين السابقه، وطرح مشروع قانون لحذف أو تعديل المادة التي تبيح للفتاة حرية السكن والتنقل، فهل هذا منطقي بدلاً من التخلص مما ابتلينا به في السابق للحفاظ على بناتنا من الانجراف في هذا التيار أن نعود لنكرره في قوانين جديدة تدعم ما سبق؟ شعب البحرين اليوم يحتاج إلى تطمينات من خلال نصوص قانونية صريحة لا تصريحات إنشائية بعيدة عن واقع تجارب عائلات، وما عانين منه جراء هروب فتياتهن إلى أوكار بويات ودعارة، ثم سؤال آخر: ألم توقع البحرين على اتفاقية مكافحة الاتجار بالبشر؟ ألا تتعارض البنود التي تدعم حرية اختيار سكن الفتاة مع واقع تزايد عدد حالات هروب الفتيات؟أما من يقول إن «الفتاة التي تخضع للتربية لن تنخرط في مسألة الهروب من المنزل أو الانحراف»، فهذا نقول له: لو كان كلامك صحيحاً فماذا تحاول الدول إيجاد حل لمنع انخراط الشباب في تنظيمات إرهابية مثل تنظيم الدولة «داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية؟ منطقياً، هل بالإمكان الوثوق في منح الحرية لشباب لا يتجاوز 21 عاماً؟ هل كافة الشباب والشابات لديهم من قوة الشخصية ما يمكنهم من التعرف على عصابات السوء والابتعاد عنهم؟لنأتي إلى حقيقة أخرى وردت في قانون «السيداو»، وهي المادة 15، البند الرابع، التي تمنح الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكنهم وإقامتهم! هل هذا منطق؟ هل هناك من لديه نظرة بعيدة المدى بخصوص البعد الاجتماعي والديني والثقافي القادم لنا جراء هذه القوانين المتعلقة بـ «السيداو»؟ هل هناك ضمانة قانونية تسد الثغرات بحيث يمنع عصابات الاتجار بالبشر من استغلالها؟ أما المادة 16 وما ورد في بعض بنودها، من حرية الولاية والقوامة والوصايه على الأطفال وتبينهم ونفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، في اختيار اسم الأسرة والمهنة والوظيفة، فيكفينا أن نقول إن هذه القوانين إن أقرت فعلى البحرين ومستقبلها الاجتماعي والديني السلام!
Opinion
حقائق ما بعد «السيداو»!
05 أبريل 2016