ينشغل الرأي العام المحلي هذه الأيام، خاصة أعضاء مجلس النواب، بقضية اتفاقية «السيداو» وما جاء فيها من بنود، فالبعض يرى أن الاتفاقية وثيقة هامة وحجة مؤكدة لحفظ حقوق المرأة وصون كرامتها، بينما يرى البعض الآخر أن اتفاقية «السيداو» لم تؤطر من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بل هي اتفاقية صيغت من أجل القضاء على مبادئ وأسس هامة وقاعدة ثابته للدين والشريعة الإسلامية، وهدم لكيان المرأة المسلمة التي كرمها الإسلام وأعطاها منزلة عظيمة، فالمرأة ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع كله، لأنها تأخذ على عاتقها ترسيخ وتعزيز مبادئ وقيم في تربية الأجيال، كما يرى آخرون أن «السيداو» هي عنوان آخر للتغيير والتغيير الجذري في كل جانب. ويتساءل البعض عن عدم ولوج الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الاتفاقية، وينقل هاجسه في أن لو كانت أهداف هذه الاتفاقية واضحة في القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لكانت الولايات المتحدة من أوائل من وقع على هذه الاتفاقية، فهي الدولة التي طالما تدعو الشعوب والمجتمعات للحفاظ على حقوق الإنسان ومنها المرأة، وتبادر في حفظ السلام بكل أشكاله، فهل يرجع ذلك إلى أن المرأة الأمريكية أعطيت جميع حقوقها، وأنها ليست بحاجة أو مجبرة لأن توقع الاتفاقية، أم أن الولايات المتحدة لا تريد أن تأخذ على عاتقها التزامات واضحة في تنفيذ كل ما جاء في الاتفاقية، أو ربما لا تريد أن تدخل في متاهة الأمم المتحدة، بالرغم من أن الولايات المتحدة أحياناً لا تهتم بقرارات الأمم المتحدة، وتبقى مجتمعاتنا مختلفة في دينها وأعرافها وعاداتها عن المجتمعات الغربية، فمجتمعاتنا ترفض الاتفاقيات التي تخالف الشريعة الإسلامية، والمرأة البحرينية بالذات أكثر حرصاً على الدين الإسلامي، فقد صيغت حقوقها منذ فجر الإسلام، ويبقى على الرجل والمرأة على حد سواء الحفاظ على هذه الحقوق وألا ترضى لنفسها المهانة، بل على الرجل أن يكون فاعلاً في تعزيز هذه الحقوق، فإن تحقق ذلك فالمجتمع بكل تأكيد لا يحتاج إلى كل الاتفاقيات، ولا ننسى أن مملكة البحرين لا تفرط أبداً بحقوق المرأة ولا تعرضها للمهانة ولا تجعلها سلعة رخيصة لمنظمات تجردها من دينها، حتى ولو روج لذلك بأساليب مختلفة، تبقى مملكة البحرين متأصلة بالدين والقيم والأخلاق التي ترفع قدر المرأة وتسمو بها.الاهتمام بقضايا المرأة حقق الكثير لحماية لحقوقها على جميع المستويات والأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية بعد أن فرط المجتمع في فترة سابقة بهذه الحقوق، وقد يرجع ذلك إلى أسباب عدة منها التمسك بالأعراف والعادات والتقاليد أكثر من كون بعض الحقوق حقاً شرعياً للمرأة، كفله الإسلام، ولربما استهانت المرأة بحقوقها فسمحت للرجل أياً كان صلته بها أن يتحكم بها كيفما يشاء، ويخالف بذلك التعاليم الإسلامية حتى في زواجها وحقها في الميراث. ما جاء على لسان وزير العدل والشؤون الإسلامية واضحاً ولن يزايد عليه أحد عندما قال «لا تنازل عن الدين في أي حال وأن الشريعة الإسلامية هي التي تحكمنا، وستطبق مملكة البحرين شرع الله»، ولكن يبقى هاجس ما يخفيه إثارة موضوع «السيداو» في الساحة المحلية بهذا الشكل، فهل وراء جدال «السيداو» شيء آخر غير المرأة؟ لا ندري.