المبادرات الوطنية تستحق دائماً الوقوف عندها والإشادة بمن يبادرون فيها ويعملون لتحقيق أهدافها. ومن هذا المنطلق نوجه التحية لشباب قريتي «بني جمرة» و»المالكية» على تدشين فعالية «القرية الجميلة» والتي تهدف لتحسين شكل القريتين ومحو كل ما يشوه صورتهما الجمالية، والحفاظ على مرافقهما. بصراحة الصور التي نشرت كانت معبرة وتشعر أي مواطن يحب البحرين بالفخر، خاصة صور شباب القريتين وهم يمحون «الكتابات المسيئة» من على الجدران، بالأخص جدران المدارس، في سلوك حضاري رائع يستحقون الإشادة عليه. هذه المبادرات من شأنها إبراز المعدن الحقيقي لأبناء البحرين سنة وشيعة، خاصة أهالي بعض القرى التي طالها التخريب والتي شوهت معالمها، وضجت بيوتها ومرافقها بالكتابات والصور والتشويهات. منذ زمن ونحن نقول إن ما يفعله المخربون في القرى هو إضرار بأهالي هذه المناطق، سواء من سد للشوارع بالإطارات المحروقة، أو تخريب المرافق العامة، أو حرق المصابيح وحتى تشويه بيوت الناس، بما يضطر الأهالي لتعويض التلفيات التي تطال ممتلكاتهم الخاصة من جيوبهم، وما يضطر الدولة لإصلاح ما يتم إتلافه وتخريبه وهو ما يكبد الدول أموالاً كبيرة، من باب أولى استخدامها في تحسين وتطوير المناطق. وعي الشباب وتعزيز انتمائهم الوطني، هدف لابد من تعزيزه في البحرين، خاصة وأن الشباب هم الوقود الذي يمكن من تطوير بلادهم والارتقاء بها، أو حرقها وتخريبها. ما فعله شباب قريتي بني جمرة والمالكية يثبت حقيقة ما كنا نقوله دائماً، في تصدينا لمن يعمم الأفعال الخاطئة على الجميع، بمن كان يقول من فرط الضيق بما يحصل في البلد، بأن القائمين على الفوضى جهة معينة أو أصحاب مذهب معين، وهذا تعميم خاطئ وظالم. دائماً ما قلت وسأظل أقول إن الوطنية والإخلاص للوطن لا يقوم على أساس الانتماء لهذا المذهب أو ذاك، فمن إخواننا الشيعة من هم وطنيون حتى النخاع، لا يقبلون بذرة إساءة للبحرين وبحق رموزها وقيادتها، بل من شبابها من يتصدون للمخربين ويرفضون أفعالهم، وكنا نعتب حينما يكون رد الفعل سلبياً من البعض، رغم أن البعض يشاركنا الوضع ويبين كيف أنه سيتحول بسهولة إلى مستهدف هو وأهله من قبل هؤلاء المخربين. لكن رغم ذلك، فإن الدفاع عن الوطن وعن لحمة المجتمع يدفع الناس للتضحية والإقدام واتخاذ المواقف الشجاعة، وما فعله شباب القريتين يدخل في هذا الإطار، فشكراً لشباب القريتين الشجعان. هذا الوعي بدأ يلاحظ في الآونة الأخيرة لدى شريحة الشباب، خاصة مع الاهتمام الواضح من قبل الدولة بهذه الشريحة وتخصيص العديد من الفعاليات الموجهة لهم، بالذات التي تأتي تحت مظلة المجلس الأعلى للشباب والرياضة واللجنة الأولمبية بقيادة سمو الشيخ ناصر، وطبعاً ترجمة وزارة الشباب والرياضة، والتي بتنا نعاتبها بـ «تندر» بأنها باتت تركز على الشباب أكثر من الرياضة، مع الإدراك بأن هذا الاهتمام هاهو يؤتي ثماره ويترك آثاره الإيجابية فشكراً لهم. كذلك التقدير لوزارة الداخلية ممثلة بالمحافظات ودورها في الاهتمام بفئة الشباب والتعاون مع الأندية، وهذا ما حصل في الحالة التي أمامنا. طبعاً المراكز الشبابية والأندية في هذه المناطق لها أثر ودور كبير، وطالما تمثلت بدور وطني مخلص، فإن النتائج سنجدها على غرار فعالية «القرية الجميلة» ومبادرات أخرى في المستقبل، نتوقع أنها ستفاجئنا بأثرها الطيب. حينما ينتبه الشاب لأهمية الوطن، وحينما يستوعب حقيقة معادلة الحقوق والواجبات، حينها لا يمكن لأي كان أن يزعزع انتماءه ومحبته وإخلاصه لوطنه، حينها سترى الشباب لا يقبل أبداً أن ينساق وراء محاولات للتشجيع أو التحريض أو غسيل الدماغ، لن تراه يحرق إطاراً ولا يكتب على الحوائط ولا يسيء للبلد، بل ستراه هو الذي يتصدى لهذه الظواهر ويبدلها بظواهر إيجابية. والله خبر ومشاهد تثلج الصدر، وتثبت بأن البحرين فيها خير كثير، فيها مخلصون كثر باختلاف الانتماءات، وترد على كل مستهدف لهذا الوطن برسالة مفادها بأنه «هيهات» أن تنتصروا على البحرين بوحدة شعبها وتكاتفهم مع قادتها. بوركتم والله وبوركت هذه السواعد الشبابية الرائعة، وهكذا يكون بناء الوطن وحمايته.