العنوان ليس سؤالاً، ولكنه جواب في صيغة سؤال، أصل السؤال هو هل تخاف الحكومة من المعارضة؟ وجوابه، هو لماذا تخاف منها؟ أي ما الذي يجعل الحكومة تخاف من المعارضة التي – منطقاً – تتكامل معها ويفترض أن تعينها على أداء عملها وتتعاون معها على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين؟الحكومة لا تخاف من «المعارضة»، ففي أنظمة الحكم المعتمدة في دول مجلس التعاون لا مجال لـ «المعارضة» لتحكم أو حتى تقوم بانقلاب ينتج عنه تسلمها للسلطة، فهذا غير وارد هنا على الإطلاق حتى مع افتراض حصولها على دعم من دول أخرى مهما كانت قوية، ومهما تغيرت الظروف الإقليمية والدولية، لذا لا يتوفر أي سبب يجعل الحكومة تخاف من «المعارضة» مهما قويت. لو حاولت «المعارضة» أن تخرج عن الإطار المحدد لها وعملت جهراً أو سراً على تحقيق هذا الأمر فإن الأكيد هو أن الحكومة ستقف في وجهها وبسهولة ستتمكن من تحجيمها ووضع حد لمحاولتها. ولأن «المعارضة» في أي دولة من دول مجلس التعاون تعلم أن خسارتها في مثل هذه الحالة كبيرة جداً، لذا فإنها لا تحاول القيام بهذا الأمر، فهي تدرك تماماً أن أي محاولة من هذا القبيل ستقابل بصد جماعي وفوري ونتيجته الفشل الذريع. الحكومات في دول مجلس التعاون لا تخاف من «المعارضة» ولهذا فإنها لا تعتبرها نداً، وتشجعها على العمل في الإطار الذي يحدده القانون، بل أنها تستعين بها في حل بعض الملفات. طبعاً الحديث هنا عن «المعارضة» وليس عن ذلك البعض الذي أقحم نفسه لسبب أولآخر في السياسة، وصار يعمل تحت هذه المظلة، فذلك البعض لا محل له من الإعراب في هذه المسألة، وما يقوم به يدخل في باب الغوغاء، ولا يمكن أن يطلق عليه اسم «معارضة».مشكلة «المعارضة» هنا تكمن في أنها من دون أن تنتبه أتاحت الفرصة لذلك البعض كي يتحرك بالنيابة عنها، فأحرجها وأضعفها وقلل من مكانتها لدى الحكومة وأخسرها الكثير من الثقة، فتاهت، ولم يعد لها القدرة على ممارسة دورها الحقيقي، ولم تعد قادرة على إرضاء ذلك البعض وإقناعه بما تقوم به من عمل، ذلك لأن ذلك البعض صار يفترض منها القيام بأمور لا تدخل ضمن اختصاصها، أولا تستطيع القيام بها لأنها لو فعلت تجاوزت القانون وتجاوزت دورها الذي يفترض ألا يكون مناوئاً وإنما مكملاً لدور الحكومة.«المعارضة» في البحرين وخصوصاً في الأحداث التي عاشتها في السنوات الخمس الأخيرة مارست دوراً سالباً، وليس الدور الموجب المتوقع منها، لذا دخلت في حالة صعبة لا تزال غير قادرة على الإفلات منها. هنا ينبري سؤال مهم، هو هل سيستمر حال «المعارضة» هكذا وينتهي دورها بهذه البساطة، أم أن هناك مخارج وسبلاً يمكن أن تستعيد بها مكانتها وثقة الحكومة فيها؟ أما الجواب فهو مشروط، فإن كانت هي مقتنعة بوضعها الحالي ومرتاحة منه فهذا يعني أنها قررت الخروج من الساحة، أما إن كانت مقتنعة بأن وضعها الحالي خاطئ وأنها تتواجد خارج الإطار الذي يفترض أن تكون فيه، فإن المنطق يفرض عليها أن تبادر بمراجعة نفسها، والعمل على تصحيح وضعها، لتعود إلى دورها الطبيعي، والذي يمكنها أن تخدم من خلاله الوطن وتسهم في ارتقاء المواطن.بالتأكيد فإن هذا الأمر ليس بغائب عن «المعارضة»، المتمثلة في الجمعيات السياسية التي تعمل تحت مظلة القانون، بل أنها صارت تردد في ندواتها الأخيرة ما حرصت على عدم قوله في السنوات الخمس الماضيات، ما يعني أن «المعارضة» بدأت تقرأ الساحة بشكل مختلف وواقعي.
Opinion
لماذا تخاف الحكومة من المعارضة؟
10 أبريل 2016