من «الحزم» إلى «الرعد» إلى «الجسر»، تصوب الأهداف بقوة وثبات، هكذا يمضي خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بخطى واثقة وثاباً ببلاد الحرمين الشريفين نحو مزيد من العلا والمفاخر. يخطط ويثابر ويبادر.. وآخر مبادراته أرساها في مصر العربية. يشكل مشروع الجسر العملاق الذي سيربط بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، دعامة للعلاقات السعودية المصرية ومن ثم الخليجية المصرية، بما يعطي السعودية مزيداً من الثقل الإقليمي في المنطقة ليس لدورها الفاعل والرائد على المستويين السياسي والعسكري - لاسيما في نهضتهما الأخيرة - وحسب، وإنما على مستويين آخريين، وهما الاقتصادي والاجتماعي كذلك. من روائع ما قاله ونستون تشرشل «لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم وإنما مصالح دائمة»، ولا شك في عمق العلاقات التاريخية والطيبة التي تجمع كافة دول الخليج العربي بمصر، غير أن مبادرة ذكية كمبادرة «جسر الملك سلمان» ستجعل العلاقة مع مصر أكثر استقراراً ووضوحاً، بل وأكثر نزوعاً لدعم مصالحها مع دول الخليج العربي وخصوصاً السعودية، ما يعني التأمين على عمق استراتيجي هام في المنطقة، وبالتالي سيلقى ذلك بظلاله على أمن المنطقة العربية واستقرارها.كما يمكن القول إن الجسر سيكون أول رابط بري بين عرب آسيا وعرب أفريقيا، ليقيم مزيداً من الروابط والعلاقات مع بلدان شمال أفريقيا كافة وسيتيح فرصة أكبر وأكثر يسراً، لحركة الحجاج الأفارقة وانتقالهم للجزيرة العربية. كما إنه سيمنح المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي فرصة أكبر للانفتاح على بقية الدول الأفريقية والتي سبقت إليها إيران لتكوين منطقة نفوذ جديدة لها في المنطقة، ولعل إقامة بعض المصالح الخليجية المشتركة مع دول أفريقيا ستكون بوابة لقطع الطريق على التوغل الإيراني والإسرائيلي في المنطقة العربية ومجالها الحيوي.ومثلما أسفر جسر الملك فهد الذي يربط بين مملكة البحرين والشقيقة الكبرى السعودية، عن مزيد من التقارب بكل المقاييس، وارتفاع وتيرة الزيارات بين البلدين، وتعزيز الروابط بينهما بمستوى فارق، وتنشيط حركة التجارة والسياحة، سيفعل إن شاء الله «جسر الملك سلمان» مع مصر. من جهة أخرى، فإن خطوة كهذه تبعث الأمل من جديد للعروبيين في استعادة أمجاد الوحدة العربية الآفلة، وإعادة إحيائها بما تبقى من العرب، والنهوض على كافة الأصعدة، يتصدرها الجانب الأمني والاقتصادي، ولربما الثقافي في مرحلة لاحقة.* اختلاج النبض:إن كان «الشطرنج» تسلية الفراعنة المنقوشة على جدران مقابرهم، لتصبح فيما بعد لعبة للملوك وقادة الحرب، فإن لبدو الجزيرة العربية وقادتها تاريخ حافل في «المقناص»، والكسب الكبير، وهذا ما برع فيه «الملك سلمان» في ميادين شتى.
Opinion
الجزيرة تتواصل مع النيل
11 أبريل 2016