الصدمات السريعة سمة من سمات السياسة في البحرين والخليج منذ العام 2011، وهي أحداث سياسية سريعة تجعل الساسة وتنظيماتهم في صدمة من البطء بمكان الإفاقة منها، وما أن يحاولوا الإفاقة إلا وجاءت صدمة أخرى تليها صدمة جديدة أيضاً.من الأمثلة على ذلك الحوار الوطني بنسختيه الأولى والثانية في العامين 2011 ثم 2012، مازالت الجمعيات السياسية في البحرين تحاول تجاوز صدمة ذلك الحوار، ولكن الوضع السياسي تجاوز تلك المرحلة بمراحل، حتى باتت فكرة الحوار الوطني غير مرحب بها خارج إطار المؤسسات الدستورية، وتحديداً خارج قبة البرلمان، وهذه الصدمة لم يفق منها الساسة، خصوصاً الراديكاليين منهم.صدمة أخرى تحول «حزب الله» وخلاياه المؤدلجة بأيديولوجيا ولاية الفقيه باتت تنظيمات إرهابية، ومن يتصل أو يمول أو يدعم أو يمتدح فإنه يدخل ضمن نطاق قانون مكافحة الإرهاب فوراً. هذه الصدمة لم يفق منها الساسة أيضاً ولم يجدوا مخرجاً لها بعد.صدمة كانت مفاجئة وهي قطع العلاقات مع طهران بسبب تدخلاتها المتكررة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وبات صعباً تجاوز هذه الصدمة.آخر صدمات الساسة البحرينيين اللقاء المشبوه الذي تم بين شخصيات سياسية ووزير الخارجية الأمريكي خلال زيارته المنامة، حيث كانت المفاجأة التوبيخ الذي حصلت عليه هذه الشخصيات من مسؤول الدبلوماسية الأمريكية، والمخاوف التي عبر عنها من عزلة الجمعيات السياسية الراديكالية في البحرين بسبب عدم مشاركتها في العملية السياسية، ليدعوها إلى الانخراط في هذه العملية مع اقتراب انتخابات 2018 بعد أن انتقدها لنشر الطائفية والتطرف.من هنا يمكن أن نبدأ، تحدثنا منذ مطلع العام الجاري حول الاجتماعات السرية التي عقدت بين الأمريكان وشخصيات تمثل الجمعيات السياسية الراديكالية وكان محورها جدوى الدخول في الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستقام بعد عامين تقريباً. لكن لقاء كيري معها مؤخراً أكد ذلك بشكل علني، وهو ما يذكرنا بالجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية خلال حكم الرئيس جورج بوش الابن في العام 2006 تحديداً عندما أقنعت تلك الإدارة جمعية الوفاق والجمعيات السياسية الأخرى التابعة لها بإنهاء حالة المقاطعة للعملية السياسية، وهو ما تحقق سريعاً في انتخابات 2006.تلك المشاركة تمت عبر غطاء ديني بصدور سلسلة من الفتاوى الشرعية من المراجع الدينية في إيران والعراق، ولكن هل تكون مشاركة هذه الجمعيات بعد صدور التعليمات الأمريكية في الانتخابات بغطاء ديني مجدداً؟بعد آخر في الصدمة الأخيرة يتعلق بجدوى مشاركة الشخصيات السياسية الراديكالية في صنع القرار، خصوصاً وأن مشاركتها في البرلمان تعني مسؤولية سياسية ودستورية ووطنية. فهل من المقبول والمنطقي أن يقوم من شارك في انقلاب سياسي وصراع طائفي في البحرين بالمشاركة في صنع القرار عبر عضويته في البرلمان؟سؤال يحتاج لإجابة من كل مواطن قبل الساسة!