المشهد القادم سيكون كالتالي، إما أن تغير واشنطن من سياستها حيال حلفائها في كل أنحاء العالم، أو أن تتغير سياسة حلفائها حيال واشنطن، وكأن ليس هنالك من طريق آخر غير هذين الطريقين، فإما أن تصلح أمريكا من سياستها تجاه حلفائها أو أن تتبدل الوجهة القادمة لحلفائها نحو الجهة الأكثر أمناً.تكلمنا بالأمس عن وجود أكثر من خيار إستراتيجي للدول التي ربما في حال استمرت واشنطن بخذلانها أن تتوجه صوب الهند والصين، بل هنالك أيضاً خيارات أخرى وإن كانت أقل مستوى من هاتين الجمهوريتين يمكن لأصدقاء واشنطن أن يتوجهوا شطرها، لأن ما يجري من أحداث متسارعة في هذا الأقليم يوضح يوماً بعد يوم أن الولايات المتحدة الأمريكية وعموم الدول الغربية بدأت بخذلان حلفائها في المنطقة، فحساباتها اختلفت عن سابقها، وبدأ هذا الحلف يكرس مصالحه بشكل أكثر وضوحاً، بل ربما ولأجل المصلحة العليا الغربية يمكن للأمريكان أن يتحالفوا حتى مع الشيطان في سبيل تعزيز مصالحهم ونفوذهم في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، بل لا نستبعد على الإطلاق أن تكون لواشنطن اليد الواضحة في تكريس هذه المشاهد اليومية من القتل والخراب والانفلات الأمني والسياسي امتثالاً لقول السيدة «كوندليزا رايس» بتحقق الفوضى الخلاقة، ولا نعلم هل نحن في بدايتها أو في نهايتها، لكن بكل تأكيد نحن في أتونها!إن البرغماتية النفعية الغربية تجاوزت كل الأخلاقيات السياسية، فلم يعد من اهتمامات واشنطن أن تتقبل حلفاءها بقدر ما تسعى لأن تطمئن على سلامة مصالحها في المنطقة، ولأن واشنطن ليس لديها أعداء ولا أصدقاء مدى العمر، فإن لديها مصالح قومية مدى الحياة، وهذا الذي كان يجب أن يفهمه العرب قبل أكثر من 50 عاماً من اليوم، ولا نعلم هل فات الأوان أم أنهُ ما زال في العمر بقية لتصحيح مسارات السياسات العربية في المنطقة وفتح قنوات دولية كبيرة مع حلفاء أكثر صدقاً من الغرب الذي بدأ يبيع شراكاته وخصخصة علاقاته مع دول كانت تمثل وجوده وقدرته على المنافسة في الأسواق السياسية والاقتصادية.ننصح دولنا مرة أخرى فنقول لها إن الحياة لا تتوقف على دولة أو جهة أو حليف بعينه، فالعالم المتغير والمتسارع بثقل المتغيرات الدولية أعطانا مجموعة من الخيرات المناسبة وطبيعة المرحلة، فليس هنالك على المدى القريب والمنظور أفضل من حلفاء كالهند والصين وحتى موسكو مع إجراء بعض التعديلات في المواقف التي تتناسب ومصالح دولنا، خصوصاً حين تأكد لنا أن الأخيرة لم تخذل حلفاءها وقت الأزمات، فالخيار خيارنا وهذه الأوطان أوطاننا، والذكي من يحفظ الأوطان بأقل الأثمان المخصصة للتحالفات الإستراتيجية بدل من هدرها على دول لا تقيم لنا وزناً.
Opinion
«تحالفاتنا الاستراتيجية» أين نُصوِّبها؟
16 أبريل 2016