يستنكر البعض على دول مجلس التعاون الخليجي أن يكون لها دور ولو صغير في سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو غيرها، أليس من حق هذه الدول -مجتمعة أو منفردة- أن يكون لها مصالح كما للدول الأخرى مصالح؟ لماذا لايزال البعض ينظر إلى دول التعاون على أنها وجدت ليهيمن الآخرون عليها وأن يقتصر دورها على مد الآخرين بالأموال التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها عليها؟ دول مجلس التعاون لم تعد دولاً هامشية لا حول لها ولا قوة وهي تمتلك اليوم إلى جانب الثروات عقولاً بإمكانها أن تغير وتدير وتطور وتنفع نفسها والآخرين، وصار لابد أن يكون لها دور مختلف، فهي موجبة ومؤثرة وقادرة على تغيير المعادلات. من الطبيعي أن يكون لدول التعاون وهي في هذه الحال دور في سوريا التي صار للجميع فيها مصالح، ومن الطبيعي أن يكون لها دور في العراق ولبنان واليمن وليبيا وكل مكان يمكن أن تكون لها فيه مصلحة. ما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن دول التعاون لم تعد تنتمي لدول العالم الثالث وبالتالي صار لابد من أن يكون لها وضع مختلف يعبر عنها وعما تمتلكه من ثروات وعقول. اليوم بإمكان دول مجلس التعاون أن تغير من المعادلات وحتى من نتائج الحروب لو صارت جزءاً منها أو تدخلت فيها بطريقة أو بأخرى. دول التعاون تتفوق اليوم على كثير من البلدان العربية التي كانت تسبقها في أمور كثيرة. هي اليوم دول فاعلة وقوية ومؤثرة وراغبة في أن يكون لها دور يعبر عنها وعن أبنائها الذين من الطبيعي أنهم مختلفون عن آبائهم وأجدادهم. أيضاً منطقياً لا يمكن لدول التعاون أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى كل هذا الذي يجري في العراق وسوريا واليمن وغيرها لأنه ببساطة يؤثر عليها، فليس أقل من أن تعمل على حماية نفسها من كل المتغيرات التي يمكن أن تشهدها هذه الدول القريبة منها، وليس أقل من أن يكون لها رأي وكلمة تعين على إنقاذ هذه الدول من براثن ما يجري فيها. تواجد دول مجلس التعاون في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا وغيرها بات مهماً لدول التعاون ولتلك الدول أيضاً التي هي في كل الأحوال جزء منها ومكملة لها، واستمرار حالة عدم الاستقرار فيها يؤذيها ويسيء إليها، أي أن الأمر يحتم عليها أن تكون حاضرة في تلك الميادين. دور دول مجلس التعاون هناك دور إيجابي ومهم ويعود بالنفع على تلك البلدان، فدول التعاون ليست دولاً استعمارية وهي لا تسعى إلى استغلال تلك البلدان وإنما إلى المساعدة في إخراجها من الوضع الذي صارت فيه وتعاني منه وليكون لها دور في عملية إعادة الاستقرار. باختصار عدم استقرار أي دولة عربية تتضرر منه دول التعاون تلقائياً، وبالتالي فإن من الطبيعي أن تعمل جاهدة على تخليصها من تلك الحالة.هناك أمر آخر أيضاً، حيث متوقع جداً خفض التواجد الأمريكي وصولاً إلى انسحاب القوات الأمريكية ربما في سنوات قليلة من المنطقة برمتها وهو ما يستوجب ملء الفراغ الذي ستتركه لو حصل. هذا الأمر أفضى إلى تساؤل مهم تناوله الباحثون ملخصه لماذا تنتظر المنطقة أن تحل قوة أخرى مكان القوة الأمريكية لتشغل الفراغ الذي سينتج عن انسحابها كما حدث مع انسحاب القوات البريطانية في بداية السبعينات من القرن الماضي؟ لماذا لا تكون القوة البديلة خليجية؟ خصوصاً وأن دول مجلس التعاون اليوم مؤهلة للقيام بهذا الدور الذي يتطلب توفر الثروة والقوة والرأي والحكمة، وكلها متوفرة وبكثرة.