دعني أولاً أطلق سهام العتب على الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاذ، وليسمح لي، فالعتب بين الأخوان صابون القلوب..فقد اطلعت بحسرة وألم على بيانك يا أخ فيصل المنشور الخميس الماضي، والذي هددت فيه برفع شكوى إلى منظمة العمل الدولية وإلى مجلس حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار الحكومة إزالة الكبائن من أمام سواحل المحرق، وحديثي إليك يا أخ فيصل ليس بصفتي كاتباً أو محرقياً «أبا عن جد» بل لكوني أحد المتضررين من وجود هذه الكبائن.المحرق ليست كسائر المدن بل هي «أم المدن» وعن نفسي أعتبرها كأمي التي لم أجد منها سوى كل الخير، وكما أن هذه المدينة تختلف عن مدن البحرين، فكذلك أهلها مختلفون عن غيرهم من البحرينيين، ومن أولى ركائز الاختلاف وأهمها عند المحرقيين، رفضهم الاستقواء بالأجنبي، وعدم قبولهم للمنظمات الأجنبية أن تتدخل في شؤونهم الداخلية، ولو سألت يا أخ فيصل أياً من أصحاب الكبائن المتضررين لأجابك: بـ «لا وألف لا»، ذلك لأننا تعودنا على حل مشاكلنا فيما بيننا، وفي إطار البيت الواحد.هكذا تورد الأبل يا أخ فيصل، وهكذا «ربونا أجدادنا وأهالينا»، فالمحرقيون ليسوا كـ «الشرذمة» التي تستقوي بالأجنبي وتعيش على قفا إيران، وما كان لمثلك، وقد عاهدناك وطنياً وحقوقياً، أن تقلد وتحاكي فعل قطعان «الولي الفقيه» وأحفاد مسيلمة الكذاب. لن أزيد وأعيد وأقول أكثر حتى لا أثقل عليك أخي فيصل فولاذ، رغم أن ما جاء في البيان شكل صدمة كبيرة لي، لكن سأتركه لضميرك، وأنت وضميرك.والآن لنمضِ عن العتب ونذهب إلى الشكر، فـ «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، وحين نوجه الشكر فيجب أن يذهب إلى مقام صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة أولاً ومن ثم وزرائه «ليسوا جميعاً، بل العاملون فيهم» فظهر الأربعاء كان «بوعلي» يجول في المحرق – كعادته – يتفقد ما وصلت إليه المشاريع التنموية والحضارية في مدينة الأجداد، وذلك بعد مضي يومين من بدء إزالة الكبائن، ولكون سموه يذوب عشقاً في المحرقيين، ويحب الخير لمدينتهم، فقد أبدى امتعاضه من بطء العمل في السوق، كما أكد رفض الحكومة «التعديات على أراضي الدولة واستغلال الممتلكات العامة للأغراض الخاصة».هكذا هي الدولة «شكلين ما بتحكي» إذا قالت فعلت، وإذا وعدت وفت، وكذلك هي لا تظلم..وحتي لا نظلم، نتمنى على وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني الأخ العزيز عصام خلف، وبالمناسبة، هو من جملة الوزراء القليلين العاملين بإخلاص، النظر في أمر الصيادين الحقيقيين وسرعة البت في أماكن بديلة لكبائنهم التي أزيلت، وأتصور أن الحل في متناول اليد، لكون عددهم لا يتجاوز الـ 20 % او يزيد قليلاً من إجمالي العدد، وبالإمكان توفير مكان لهم داخل فرضة المحرق إن أمكن.والآن وبعد أن انتهينا من عملية إزالة الكبائن، أو في طور الانتهاء، نرجو من الوزير النظر باهتمام إلى عدم خلق مشكلة أخرى، وهذا المرة قد تخلق كارثة بيئية مدمرة، ذلك إذا ما تركت أكوام مخلفات الكبائن والتي باتت أرتالاً كالجبال، هكذا في منطقة «الساية»، فعقب كبريت واحد، ممكن أن يخلق مأساة إنسانية حقيقية ويجعل من كفوف الندم بلا ثمن.كما أن من غير المعقول والعدل والإنصاف لسكان «الساية»، أن يبيتوا وهم يطلون على بحر، ويصبحون على إطلالة مكب زبالة.