لعل أبرز ما يتداول اليوم سعي اللوبي الإيراني لضرب العلاقات العربية الأمريكية والتركيز على فضح باراك أوباما وسيطرة اللوبي الإيراني على قراراته.أولاً، إذا نظرنا إلى مصادر هذه الأخبار والاستنتاجات نجدها إما إسرائيلية، مثلما تنشر صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أو مناصرة لإسرائيل قلباً وقالباً مثل مركز «هدسن انستيتوت». ونحن العرب تعودنا على تعليل كل شيء بنظرية المؤامرة، ولكن إذا تفحصنا اللوبي الإيراني عن كثب نرى أن هذا الكلام مبالغ فيه، وأن اللوبي الإسرائيلي هو بين تارة وأخرى يضخم من أهمية خصومه حتى يظهر للمجتمع الأمريكي أنه ليس هو المهيمن على سياسة أمريكا بالنسبة للشرق الأوسط. ونرى أنه لما أصدر كل من الأكاديميين والت ومارشيمنر كتاب «اللوبي الإسرائيلي وسياسة أمريكا في الشرق الأوسط» سارع اللوبي الإسرائيلي إلى إصدار كتاب لميتشل بارد بعنوان «اللوبي العربي». ويحاول الكتاب أن يقدم سردية مضادة لوالت ومارشينمر من خلال اتهام السعودية بالعمل بشكل خفي من خلال استعمال النفط للتأثير على القرار الأمريكي. والكتاب خالٍ من القيمة العلمية لأنه يحاول أن يعطي تعليلاً لواقع غير موجود. واليوم اللوبي الإسرائيلي يحاول تصوير الشيء نفسه مع اللوبي الإيراني، فهو يحاول تصويره كماكينة تعمل بشكل سري للهيمنة على القرار الأمريكي. كما يحاول اليوم الإسرائيليون أن يصوروا أن اللوبي الإيراني هو وراء التراجع في العلاقات العربية الأمريكية. أولاً، إن عاينا عمل اللوبي الإيراني نرى أنه يعمل كأي لوبي ثانٍ في أمريكا، فهو يمثل شريحة من المواطنين لها الحق بالمشاركة في صنع القرار الأمريكي. كما أننا إذا درسنا مواقفه نرى أنه ليس مهتماً بالتآمر على العرب، ولكنه مهتم بتفعيل الاتفاق النووي. والجدير بالذكر أن الجالية الإيرانية في أمريكا هي معارضة للنظام، ومعظم أفرادها هم من هربوا من بطش الثورة أيام الخميني، ولكن النظام استطاع أولاً تحييدهم، ثم التحالف معهم لمصلحة إيران، لذلك فهم مستقلون عن خامنئي وجماعته، وهذا اللوبي يساند الحكومة الإيرانية في مسألة الانفتاح على أمريكا، ولكنه معارض للنظام في مسائل عدة. فبين تارة وأخرى يقوم بانتقاد النظام الإيراني على انتهاكاته لحقوق الإنسان. وكونه مستقلاً عن الحكومة الإيرانية، فهذا الأمر يعطيه مصداقية داخل المنظومة الأمريكية ولذلك يأخذ المسؤولون الأمريكيون مواقفه وكلامه بجدية، لأنه يمثل رأي مواطنين أمريكيين، وليس موقف حكومة أجنبية. لذلك باختصار علينا ألا نصدق الكلام بمؤامرة اللوبي الإيراني ضد العرب، فهو نوع من أنواع «البروباغندا» الإسرائيلية فقط لا غير، التي كما ضخمت ما سمته بـ«اللوبي العربي» في السابق اليوم، تحاول أن تعطي اللوبي الإيراني حجماً أكبر من حجمه ودوراً أكبر من دوره.