قبل حين منعت السلطات الإيرانية النائبة مينو خالقي، عضوة البرلمان الإيراني المنتخبة حديثاً، من دخول البرلمان بحجة مصافحتها «رجلاً غريباً» خلال رحلة خارجية. هذا الخبر انتشر أخيراً وأضيف إليه أن منافسي خالقي كانوا قد قدموا صوراً لها تظهرها وهي تقوم بمصافحة رجل خلال رحلة إلى الصين وعدم تغطية رأسها بالحجاب. سابقة خطيرة لكنها يمكن أن تحدث في إيران التي تدعو دول المنطقة إلى إرساء قواعد «الديمقراطية» وترفع راية الدفاع عن «المظلومين». ورغم أن مثل هذا القرار هو من اختصاص البرلمان الإيراني إلا أنه جاء من مجلس صيانة الدستور ليوفر مثالاً على «ديمقراطية» إيران وحرصها على تحقيق العدالة ومناصرتها للمرأة!التفاصيل هنا ليست مهمة، يكفي أن القصة تلقي الضوء على العقلية التي يدير بها ملالي إيران الحكم في هذا البلد الذي حرم شعبه من كل حقوقه وصار ألعوبة في أيدي قلة تعتبر ممارسة الشعائر الدينية حرية وفضلاً وامتيازاً، وبالتأكيد فإن هذه القصة ليست الوحيدة التي تفضح سلوك الحكم في إيران فهناك مئات بل آلاف القصص التي تؤكد أن في إيران آمراً واحداً هو نفسه الذي ينهي والوحيد الذي لا يجرؤ أحد على مناقشة قراراته أو حتى التعليق عليها.مشكلة إيران أنها تقدم نفسها على أنها راعية للحريات ومدافعة عنها وهي أول من يقيدها ويهينها. تبذل كل ما تستطيع لتشيع أن دول المنطقة تظلم المرأة بينما هي أول من يفعل ذلك ويتميز فيه. ترفع كل الشعارات الجميلة والبراقة فيعتقد من يرى ذلك أنها الدولة الحلم لكنها تناقض بأفعالها وسلوكياتها كل تلك الشعارات وتوفر لنفسها ما تشاء من تبريرات. تنتقد الآخرين لأنهم اتخذوا قرارات تخصهم ولم يترددوا عن بيان التفاصيل ليراها ويسمعها العالم أجمع رغم أنها غير ملزمة بفعل ذلك بينما تفعل هي -إيران- كل ما تريد وتمارس كل الأخطاء والتجاوزات ولا تقبل أن يسألها أحد أو ينتقدها.كمية التناقضات التي تعيشها إيران كبيرة، وحجم التدخل في شؤون الآخرين كبير ومرفوض، ومع هذا لا تتردد عن فعله فهي تعلم مدى قدرة إعلامها على الترويج لها والدفاع عن أخطائها، وتعلم كيف أنه يستطيع أن يقنع العالم أن تلك النائبة التي منعت من دخول البرلمان غصباً عن البرلمان والبرلمانيين ارتكبت من الأخطاء ما يجعل كل الناس يتساءلون عن أسباب عدم الحكم عليها حتى الآن بالإعدام برافعة تنصب في أحد شوارع طهران!لتوضيح الصورة يمكن التساؤل عن كيف يمكن أن يكون الحال لو أن إيران علمت أن البرلمان في البحرين اتخذ قراراً ما ضد نائب حالي أو سابق حتى مع الإعلان عن المبررات وتوفير الشواهد والأدلة والبراهين على ارتكابه خطأ كبيراً؟ ما لن يختلف عليه اثنان هو أنها ستوظف كل قدراتها وخبراتها وأجهزتها الإعلامية لتقول عن البحرين ما تشاء قوله من كلام ناقص بغرض الإساءة إليها والقول إنها «ليست ديمقراطية وتعتدي على حقوق الإنسان»، وإنها «ضد المرأة وحقوقها» لو كان مرتكب الخطأ برلمانية.لكن تناقضات وأخطاء الحكم في إيران نعمة، ذلك أنها لو لم تقع في كل هذه الأخطاء ولم تستمر فيها وتوفر يومياً العديد من القصص على حجم تخلفها لكان يمكن اعتبار حكم الملالي مثالاً ونموذجاً يحتذى وسبباً في «ثورة» المواطنين الخليجيين على أنظمتهم.ممارسات إيران في حق أبناء شعبها بفرض قناعات أفراد تعودوا على الانغلاق والنظر إلى كل جميل بسلبية يصب في صالح دول مجلس التعاون التي يتوفر لها كل يوم الدليل تلو الدليل على أن المنطقة ابتليت بحكم يمكنه أن يمنع ممثلاً للشعب من دخول البرلمان لأسباب كالتي أعلن عنها.