ستعقد في سياق زيارة جلالة الملك لمصر أو على هامشها اجتماعات اللجنة المصرية البحرينية المشتركة، وهي الآلية التي تتم من خلالها متابعة الجوانب التنفيذية في علاقات الدولتين، ويترأسها الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية، وسامح شكري وزير الخارجية المصري، وكلاهما ينتمي لجيل يتميز بالدينامية، ومحظوظ في عمله، فقد ازدادت سياسة كلا الدولتين توثقاً مع بعضهما ومع العالم الخارجي، رغم التحديات والصعوبات التي واجهت مصر في السنوات الأخيرة، ورغم التدخلات الإيرانية في شؤون مملكة البحرين، فإن الأمر بفضل حكمة القيادة ودينامية وزيري الخارجية تجاوز تلك التحديات وتغلب على الصعاب. الجالية المصرية في البحرين من الجاليات المتميزة، فهي تضم نخبة من المستشارين في مجالات الدبلوماسية والقضاء وأساتذة الجامعات والمدرسين والخبراء في التعليم والاقتصاد والسياحة والأمن والطب والهندسة وغيرها. وهم من خيرة أبناء مصر، ويعملون في صمت ومحبة لشعب البحرين، ولا يتدخلون في أية شؤون للمملكة وشعبها الشقيق بكافة طوائفه. وأذكر عندما حضرت للبحرين التقيت في جامعة البحرين بالعديد من الأساتذة البحرينيين من الطائفتين الكريمتين، وكل منهم كان يتحدث عن ذكرياته في فترة الدراسة في الجامعات المصرية، وهذا جعلني أشعر منذ اللحظة الأولى أنني في مصر، ولست غريباً في البحرين. وظلت هذه المشاعر معي في كل مكان عملت به أو زرته، بل في الطائرة وأنا مسافر من وإلى البحرين كثيراً ما يفاتحني أحد المسافرين، ويتحدث معي عن ذكرياته ومحبته لمصر وشعبها. ومن الأمور اللافتة ما ذكره بعض البحرينيين أنه عندما زار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر البحرين حمله أهل المحرق على الأعناق، وكانت القومية العربية آنذاك على أشدها.ولعل من أوجه التشابه بين البلدين أنه عندما أرسل الرسول الكريم مبعوثين يحملان رسائله لحكام البلاد المختلفة وكان من بينها رسالة لحاكم مصر، وأخرى لحاكم البحرين، فأكرم كل منهما مبعوث النبي وأحسن وفادته، ولذا دعا النبي لمصر دعوات من قلبه الشريف، خاصة أنها ذكرت في القرآن الكريم مرات عديدة، واستضافت الكثير من أنبياء الله ومن آل البيت، وفي مقدمتهم رأس الإمام الحسين، والذي أقيم له ضريح ومسجد من أكبر وأهم مساجدها، وللسيدة زينب بنت الإمام علي أخت الحسين في مصر ضريح عظيم ومسجد كبير يزوره كل المصريين، ويحتفلون بذكرى ميلادهما، وغيرهما من آل البيت الطاهرين، ومن أولياء الله الصالحين. فمصر أرض أولياء الله من آل البيت والصحابة ومن العلماء والمفكرين في العصور الإسلامية المتوالية، ومنهم العلامة عبدالرحمن بن خلدون، وأصحاب الطرق الصوفية الذين جاؤوا من سوريا والعراق والمغرب مثل السيد البدوي، والمرسي أبو العباس والبوصيري، صاحب البردة في مدح الرسول الكريم وغيرهم. إنهم علماء أفذاد وأقطاب من الصوفية صادقون رضي الله عنهم أجمعين.ولقد رغبت في توضيح أن مصر في احتفالها بالملك حمد إنما تحتفل بأخ كريم وابن أخ كريم، وترحب به دائماً على أرضها وبين إخوانه.ودعواتي بأن يحفظ الله البحرين وملكها وشعبها، ويحفظ مصر والسعودية والإمارات والكويت، وهم الذين وقفوا مع مصر في ساعة العسرة، ومازالوا، أدام الله عزهم، وحافظ عليهم وسائر بلاد المسلمين وأرشد الله إلى الصواب الدول التي لاتزال تتردد في مواقفها أو لا تدرك قيمة مصر، ومكانتها عند الله قبل أن تكون عند البشر. وقيمة جندها الذين قال عنهم النبي الكريم إنهم من خير أجناد الأرض، وإنهم في رباط إلى يوم القيامة. وأقول كمواطن مصري إنهم ليسوا فقط جند مصر بل جند كل العرب والمسلمين، وتشهد معارك جيش مصر ضد الصليبيين والتتار والاستعمارين الفرنسي والبريطاني، وضد سياسة الأحلاف العسكرية ومن أجل شعب فلسطين وحقوقه المشروعة وستظل مصر كذلك في مواقفها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.حمى الله أرض الكنانة وشعبها وقيادتها، وأزال الله عن أعدائها الغشاوة فيرونها على حقيقتها. وشكراً لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على مودته وحبه لمصر وشعبها. وهو حب متبادل من كافة أبناء شعب مصر، ماعدا الذين على أبصارهم غشاوة وندعو الله أن يرفعها عن أعينهم، والله على كل شيء قدير.* عضو جمعية الصداقة المصرية البحرينية
Opinion
زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى لمصر «2-2»
26 أبريل 2016