الثلاثاء الماضي، الثالث من مايو، احتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، وكما في كل عام لم يدخر أولئك الذين ينظرون إلى الأمور من منظار ضيق كلمة سيئة عن حرية الصحافة والإعلام في البحرين إلا وقالوها، وسعوا إلى نشر ما اعتادوا نشره في هذه المناسبة من كل عام، وملخص المزاعم أنه «لا توجد حريات صحافية في هذه البلاد وليس فيها أي مجال للتعبير عن الرأي وأن الرأي المخالف لرأي الحكومة مرفوض». ينشرون ذلك رغم علمهم أنه غير صحيح ورغم أنهم مستفيدون من تلك الحريات التي لا تتوفر في كثير من البلدان بما فيها تلك التي يتخذونها نموذجاً ومثالاً. الفهم القاصر لحرية الصحافة هو الذي يدفع أولئك إلى قول ما قالوه وحرصهم على ترديده، ذلك أنهم يعتقدون أن الحرية الصحافية تعني السماح بتناول كل موضوع في كل حين، وبأي كيفية، من دون أي اعتبار لأي شيء، لا لدين ولا لعادات وتقاليد ولا لأعراف مجتمعية وأن هذا يشمل السب والشتم والدخول في الخصوصيات. لكن هذا ليس غير ممكن في البحرين فقط ولكن في كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة والغرب، فهل يمكنهم أن يقولوا عن حرية الصحافة هناك مثل ما يقولونه عنها هنا؟ ولأن أولئك يتخذون من إيران بشكل خاص نموذجاً ومثالاً في كل شيء لذا فإنهم معنيون بالإجابة عن السؤال عن حرية الصحافة فيها، هل يتاح للصحافة هناك أن تذكر المرشد الإيراني بكلمة «قد» يفهم منها أنها تدخل في باب النقد أو حتى إبداء الملاحظات على قول أو فعل أو قرار؟ هل يتاح لها نشر ما تريد نشره من موضوعات وتناول أي ظاهرة مجتمعية أو موقف سياسي للحكومة بحرية؟ لمن لا يعرف حال الصحافة في إيران، النموذج والمثال، فإن من المناسب أن يعلم أن ذات المرشد مصونة، وذات الرئيس مصونة، وذات مصلحة تشخيص النظام مصونة، وذات «الباسيج» مصونة، وكذلك ذات كل الذوات. في إيران من يكتب خارج المساحة المقررة والمسموح بها يغيب وراء الشمس، والمفروض أن منظمات حقوق الإنسان العالمية وتلك المعنية بالصحافة على علم بأعداد الصحافيين الإيرانيين الذين يزج بهم في السجون بسبب خبر أو تقرير نشروه واعتبر متجاوزاً، أو بسبب مقال رأي تضمن فكرة مخالفة لأفكار الملالي وتوجهاتهم. ليس هذا ادعاء ولكنه حقيقة صار الجميع يعلمها، ويعلمها أيضاً أولئك الذين يعتبرون الحريات الصحافية في البحرين غائبة. صحافة البحرين بحاجة إلى منصفين يقررون حجم الحريات التي تتمتع بها والتي هي إحدى مفاخر العهد الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك المفدى. الحريات الصحافية في البحرين لا تقل عنها في البلاد الأخرى بل تتميز عن كثير منها. نظرة خاطفة إلى التقارير والأخبار التي تنشر تؤكد هذه الحقيقة، ونظرة إلى ما تنشره الصحف المحلية من مقالات تؤكد كذلك هذه الحقيقة. الصحافيون في البحرين يعلمون جيداً أنه لا يوجد ما لا يسمح بنشره في الصحف المحلية، والموضوع الذي تقدر إدارة التحرير بالصحف عدم تناوله في فترة معينة لسبب أو لآخر قد تسمح بتناوله وبهامش من الحرية أكبر في فترة أخرى، والتغيير الذي يطال بعض عناوين المقالات أو الأخبار أو التقارير أو غيرها أحياناً هو في الغالب للمساعدة على تمريره ونشره من دون تغيير في متن المادة. هذا أمر يعلمه الصحافيون العاملون في الصحف اليومية دون غيرهم، ويعلمه -أكثر- العاملون في رئاسة وإدارة التحرير. لكن هذا لا يعني أن الصحافة لدينا مثالية ولا يعني التوقف عن المطالبة بمزيد من الحريات.
Opinion
عن الحريات الصحافية في البحرين
07 مايو 2016