واقع لا نخفيه، هو أن الأزمة السورية وما حولها جزء من المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية التي تستهدف منطقة الشرق الأوسط، وذلك لإعادة ترتيب الخارطة وجعل القضية الفلسطينية في عالم النسيان خاصة بالنسبة لأمتنا العربية. أصبح اليوم نظام بشار الأسد محور الأزمة السورية جداراً إسرائيلياً لكل قضايا العرب، وباتت المفاوضات العالمية تتمحور حول سوريا، وما يحدث فيها وما سيجري من مباحثات بالمستقبل، وكأنما هو سيناريو رسم من قبل القوى الكبرى بالعالم، حتى تنشغل أمتنا قدر المستطاع بتنظيم الدولة «داعش» والحركات المتطرفة و»حزب الشيطان»، وغيرها من التنظيمات حتى بدأنا ننسى أن لدينا قضية هي السبب وراء كل ذلك. الشعوب العربية تدرك أن الملف السوري ليس من السهل أن تتخذ دول العالم أي قرار عسكري بشأنه، ولكن تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في المؤتمر الصحافي الذي عقده مؤخراً مع نظيره النرويجي قال إن «الأسد سيرحل سياسياً أو عسكرياً»، في إشارة إلى أنه إلى متى ستكون أمتنا العربية وسط هذا الجدار الذي يشغلنا عن قضيتنا العربية الأولى، فيجب أن نتخلص منه بأي طريقة كانت، حتى نغلق هذا الملف للأبد، وفعلاً إن إغلاق الملف السوري سيكون انتصاراً لأمتنا العربية وسط مؤامرة تقودها أمريكا وإسرائيل ومجموعة من الدول الداعمة لوجود إسرائيل بالمنطقة ليكون هذا الملف هو الأساس لدى العرب وجعل فلسطين ملفاً مفتوحاً بلا أي قرار.وبالتالي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية سيكون لها دور محوري لعدم غلق هذا الملف قدر المستطاع، فقد حاولت القوى العظمى أن تستغفلنا حينما أعلنت الحرب على «داعش» حتى لا يخرج الأسد، ولكن كل هذه المحاولات لا يمكن أن تتم، لأن «داعش» مرتبط بوجود الأسد، والدليل على ذلك أن عمليات «داعش» تنطلق من سوريا حسب تصريح المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي عندما كشف أن «عدد السعوديين المنضمين لتنظيم «داعش» خارج المملكة العربية السعودية تجاوز الـ3000 شخص، تلقوا في سوريا التدريبات اللازمة والإعداد اللازم ليقوموا بأعمال إرهابية داخل المملكة». إذاً الأزمة السورية تسببت في ظهور مجموعة كبيرة من التنظيمات الإرهابية، فليس «داعش» وحده، فقد دخل بهذا الملف الحرس الثوري الإيراني و»حزب الشيطان» اللبناني، وما يثبت ذلك ما قاله قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري «هناك رغبة لدى القوات البرية بالحرس الثوري للتوجه إلى سوريا»، وبالتالي نحن أمام جدار إسرائيلي تحميه مجموعة من الدول الكبرى ومنها روسيا وإيران ومجموعة من التنظيمات الإرهابية التي قد تم تشكيلها ودعمها، مما يتطلب إعادة النظر بهذا الملف أكثر من مرة ومراجعة جميع المفاوضات والمباحثات حتى تكون هناك مواقف عربية وإسلامية موحدة. خلاصة القول، إن الملف السوري من الملفات التي لا يمكن أن يتم التهاون فيها، ولا يمكن في الوقت نفسه الانجرار خلفها، ولكن يتطلب الأمر الحرص على أن تكون الحلول مجموعة من الخطوات المتوازية ومنها خطوات سياسية تستهدف نظام بشار الأسد، وخطوات اقتصادية تستهدف الدول الكبرى وذلك لتكون ورقة الضغط التي من شأنها أن تخضع لرغبات أمتنا العربية، أما الخطوة الأكبر وهي العسكرية، وهي الخيار الأخير، خاصة أن المشهد السوري سيتغير بالحل العسكري وسنرى الدول الداعمة للنظام تهتز أركانها، وتبدأ الدبلوماسيات عابرة القارات تعمل على مدار الساعة، وستكون الخطوة العسكرية هي الورقة الأخيرة التي سيكون على الأسد وأعوانه تحمل تبعاتها وعواقبها لأنها عندما تبدأ لن تقف عند رأس الأسد فقط بل ستهدم الجدار الإسرائيلي نهائياً.