خمس سنوات استخدمت فيها جمعيات المعارضة التي كانت تعتلي منصة «دوار الانقلاب» ومن فوق رأسها شعار «باقون حتى يسقط النظام»، استخدمت فيها تقرير لجنة تقصي الحقائق «تقرير بسيوني» وكأنه «مسمار جحا». نعم استخدمته بهذا الوصف تحديداً، لا من خلال التركيز على مضامينه المعنية بما حصل في البحرين خلال 2011، والتي فيها صفحات وصفحات وصفحات تتحدث عن عمليات الترهيب والإرهاب وقطع الطرقات وتهديد الأمن الوطني، والهجوم على الجامعة واحتلال المرفأ المالي، واستهداف مكونات المجتمع، سواء استهداف المكون السني أو اختطاف صوت المكون الشيعي، بل استخدمته من أجل «تبرئة ساحة إيران»! نعم، هذا هو أول رد فعل لهم على التقرير بعد كلمة البروفيسور بسيوني قبل خمس سنوات، رغم أن التقرير يتضمن ثوابت عديدة على تصريحات بالعشرات صدرت من إيران تستهدف فيها البحرين، إلا أنهم ذهبوا للجزء الذي يريدونه وهو المعني بإيران. لكن قبل خمس سنوات وفي نفس اليوم وفي نفس إعلان التقرير، كان لجلالة الملك حفظه الله خطاب محكم، فيه أعلن قبول البحرين بتوصيات اللجنة الدولية المحايدة، وبموازاة ذلك أكد على الاستهداف الذي تعرضت له بلادنا والذي تقف خلفه أياد إيرانية صريحة. وطوال خمس سنوات، كان يمكن للأعمى أن يرى كيف أن المستميت على إعادة إحياء الدوار، ودعم من حاولوا إسقاط النظام فيه، لم يكن سوى النظام الإيراني، ابتداء من مرشده خامنئي وصولاً لأصغر جنرالات الباسيج والحرس الثوري، وبنسق يتسق مع حراك من مازالوا يحاولون الثورة على البحرين في الداخل. زيارة البروفيسور بسيوني الأخيرة، وإعلان إتمام مملكة البحرين تنفيذ تعهداتها «الطوعية» الصادرة من قيادتها للتوصيات، يضاف إليها تصريحات بسيوني الواضحة بشأن ما تتعرض له البحرين من استهداف خارجي، لا يوصف إلا بـ»صفعة الحقيقة» على وجه الانقلابيين، وكل من مازال يحاول تشويه صورة البحرين، بل ويعمل على لم صفوفه تمهيداً لانقلاب جديد. من كان يستخدم التقرير كـ«مسمار جحا» ها هو أمس تهاتف على إصدار بيان، لم ينشر إلا في صحيفة واحدة، موقفها مما حصل في 2011 واضح، والتي على ما يبدو أيضاً تأثرت بتصريحات بسيوني الأخيرة، لدرجة أنها ارتكبت خطأ صريحاً في العنوان الرئيس المعني بالموضوع! بشأن هذا الخطأ اللغوي الفادح، لعلنا نقول إنها «غلطة مطبعية» أو «خطأ بشري غير مقصود»، لكننا في المقابل لماذا نعطي العذر لمن نشر يوماً صوراً لشخص مصاب في المغرب العربي وقال إنه شخص تعرض للتعذيب في البحرين! من تعود على الفبركة تظل الفبركة في دمه. بيان الجمعيات الذي نشر في الصحيفة التي أخطأت في عنوان خبر بسيوني، بيان فيه تشكيك صريح لمصداقية التصريحات الرسمية والبيانات التي نشرت بخصوص إنهاء وإغلاق ملف التوصيات، بل وفيه ادعاءات على الدولة، واتهامات بالكذب وإن لم تذكر الكلمة صراحة، بالتالي المطالبة بمحاسبة هذه الجمعيات واجبة، لا فقط لأنها مازالت تحاول بث روح الكراهية في شارعها ضد الدولة، أو لأنها مازالت تحاول اتهام النظام وتقلل من هيبة الدولة، بل لأنها مازالت بنفس الروح الانقلابية التي جعلتها تتصدر المشهد في دوار الانقلاب، وجعلت كوادرها تجوب العالم لتشوه صورة البحرين إعلامياً. أكبر دليل على أن البحرين نفذت توصيات اللجنة هو استمرار مساحة الحرية الواسعة للتعبير، بإثبات أنه مازالت القوى الانقلابية تنشر ما تريد قوله وما تتضمنه سطورها من «مناهضة» صريحة للدولة، لا وفي صحف ترخص لها الدولة، فأي قمع وتنكيل وكبت يتحدثون عنه؟!المهم فيما نقول هنا، بأن ملف بسيوني أغلق بانتصار كاسح لمملكة البحرين كدولة تعرضت لمحاولة انقلابية تحركها جهات خارجية، بتنفيذ من عناصر داخلية، وأن العالم اليوم يعرف تماماً بأن البحرين -وبشهادة اللجنة- ليست من تلك الدول القمعية التي تعذب شعبها وتقتلهم، هذه البحرين وليست إيران التي تقتل شعبها أو سوريا التي يرتكب سفاحها المجازر يومياً في حق شعبه بدعم من طهران، والمفارقة أن من يسمون أنفسهم معارضة لدينا ويحاولون اليوم النيل من تقرير بسيوني بعد أن كانوا «يحلفون به»، هؤلاء لم ينبسوا بحرف ضد جرائم إيران وسفاح سوريا. ولذلك نذكر دوماً بتهليلهم وفرحتهم حينما صدر التقرير ولم يتضمن بياناً للأدلة العينية التي تثبت تورط إيران بشكل مباشر، رغم أن بسيوني قالها بصراحة -إن كنتم تذكرون- بأن أجهزة الأمن البحرينية أبلغت اللجنة بوجود أدلة وإثباتات ومضبوطات تثبت تورط إيران، لكنها تحفظت بشأن الإفصاح عنها لدواعي الأمن الوطني. اليوم يأتي بسيوني لينهي الملف، ويثبت على مصداقية مملكة البحرين في شأن التوصيات، وهذا الوضع لن يعجب من مازال يريد تحويل البحرين لعراق آخر ويسلمها لإيران. طبعاً الفضل لله الذي أيد جلالة الملك حفظه الله بهذا النصر للبحرين وأهلها المخلصين، حمد بن عيسى الرجل الشجاع الذي أقدم على خطوة لم يقدم عليها أحد قبله عبر استقدام اللجنة الدولية المحايدة، قائدنا الذي أثبت مرات ومرات حصافته وحنكته وصلابته وقوته وأيضاً حلمه، ثبته الله وأسبغ عليه رداء العافية وعززه بالمخلصين من حوله.