الكلمة المتلفزة لأمين عام «حزب الله» الجمعة الماضي استهدف بها الشقيقة الكبرى فلم يبق ولم يذر، وبذل كل ما استطاع من جهد للإساءة إليها، ويبدو أن الحماس أخذه إلى حد أن قال «إن دعمها للجماعات المسلحة التي تواجه القوات السورية يسبب تصعيداً في أعمال العنف»، فهل كان يتوقع أن تقف السعودية مكتوفة اليدين وهي ترى نظام بشار الأسد يقتل ويذبح على هواه؟ ما يفترض أن يعلمه نصرالله هو أن من الطبيعي أن تقوم السعودية وكل الدول التي تتألم من هذا الذي يقوم به الأسد في سوريا بدعم الجماعات المسلحة، مع فارق أن الهدف من الدعم هو وضع حد للعنف الذي تمارسه قوات النظام وليس المساهمة في تصعيده، فما ترمي إليه السعودية وغيرها في سوريا هو إنقاذ الشعب السوري الذي صار مغلوباً على أمره وتخليصه من براثن هذا النظام الدموي والمدعوم للأسف من دول وجهات ترفع شعارات حقوق الإنسان وتدعو إلى محاربة الديكتاتورية. ليست السعودية ودول مجلس التعاون ولا الدول التي قررت المشاركة في إنقاذ الشعب السوري من يتسبب في زيادة العنف في سوريا، ولكن النظام السوري ومن يدعمه هم الذين يمارسونه ويتوسعون فيه، وليس ما جرى في حلب ولايزال إلا دليلاً على هذا.النظام السوري هو العنف نفسه، ولا يلام إن مارسه لأنه في الرمق الأخير ويحاول أن يتشبث بالحياة. اللوم والعتب على الدول والمنظمات التي تدعمه وتؤيده وإن بإصدار البيانات التي تقوي من بأسه وتشد أزره، وعلى كل المخدوعين بالشعارات التي يرفعها ممن انطلى عليهم كذبه، فمن يدعي أنه ينتصر لشعبه لا يقتل شعبه. لو أن السعودية ودول الخليج العربي وغيرها من الدول التي سعت إلى إنقاذ الشعب السوري عبر دعم المعارضة على اختلافها لم تفعل هذا لسهل على العالم كله توجيه العتب واللوم لها، واتهمها بالسلبية وبمساندة الظلم والظالم، وهذا يعني أنه من غير المعقول أن تتفرج هذه الدول على ما يجري للشعب السوري من دون أن تحرك ساكناً، عدا أن هذا الذي قامت ولاتزال تقوم به لم يكن قرار حكومات وإنما هو قرار شعوب، فشعوب دول مجلس التعاون وشعوب الدول التي تشارك في دعم المعارضة السورية للإطاحة بنظام الأسد هي من قرر ذلك وهي من ضغط على الحكومات لتتحرك وتفعل شيئاً يدونه التاريخ كي لا تقول الأجيال المقبلة ولا يقول التاريخ ذات يوم إن الجميع رأى الشعب السوري يذبح ذبح النعاج ولم يفعل شيئاً. نصرالله يريد من المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى وكل دولة ذات ضمير أن تتفرج على ما يجري في سوريا وما يتعرض له الشعب السوري من ظلم وهوان وقتل وهي صامتة، فإن لم تستطع فإن عليه أن يوجه لها ما شاء من اتهامات ويعتبرها سيئة ومصعدة للعنف. ما يزيد من حالة العنف في سوريا هو ما تقوم به قوات النظام السوري، والقوات الإيرانية التي لاتزال حكومة الملالي في طهران تقول إنهم مستشارون، و»حزب الله» الذي ضل الطريق واختلت بوصلته فنسي مشكلات لبنان وفلسطين وانتصر لبشار الأسد، غير آبهين بالأطفال والنساء وكبار السن والشباب الذين يقتلون يومياً في سوريا وعلى مرأى من العالم .أما قول نصرالله بأن «الجهود السعودية تصب في خانة تكريس العداء مع إيران وكل قوى المقاومة» فهو بضاعة تعودوا ترويجها بغية ضمان عدم عودة المخدوعين بالنظام الإيراني إلى وعيهم واستمرارهم في الحال التي صاروا فيها، واعتقادهم أن الحق كله مع إيران ومع كل من ناصرها وناصر الأسد و»حزب الله».