حسناً فعلت وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية عندما أصدرت بياناً أوضحت فيه تفاصيل ما جرى في اللقاء الذي جمع بين مسؤوليها والمسؤولين عن الحجاج الإيرانيين قبل حين، وكيف أن الإيرانيين أرادوا أن يفرضوا أموراً لا علاقة لها بالحج وليست من المناسك ورفضوا التوقيع على محضر الاجتماع. وحسناً فعلت الأمانة العامة لمجلس التعاون عندما أصدرت بياناً أكدت فيه أهمية عدم تسييس الحج. فمثل هذه البيانات والمواقف، ومثل هذه الشفافية التي اتسمت بها مهمة في مثل هذا الموقف، ذلك أن هدف إيران هو المتاجرة بهذه القصة أملاً في إقناع العالم أن السعودية هي التي منعت الحجاج الإيرانيين من الحج والعمرة وأنها هي التي تقوم «بالتخريب».بيان وزارة الحج والعمرة في السعودية كان واضحاً ومليئاً بالتفاصيل، وأكدت فيه أن «المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً ترحب بكافة الحجاج والمعتمرين والزوار من مختلف بقاع العالم ومن مختلف جنسياتهم وانتماءاتهم المذهبية»، وأنها «لا تمنع أي مسلم من القدوم إلى الأراضي المقدسة وممارسة شعائره الدينية طالما كان ذلك في إطار الالتزام بالأنظمة والتعليمات المنظمة لشؤون الحج»، وأنها «سخرت كافة الإمكانات المادية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار لضمان أمنهم وسلامتهم وراحتهم خلال أدائهم مناسك الحج والعمرة»، وأن «من قرر منع مواطنيه من هذا الحق فهذا القرار يعود إليه وسيكون مسؤولاً أمام الله وأمام العالم أجمع».هذا يعني أن ما قالته إيران من أن الرياض تعرقل مشاركة الحجاج الإيرانيين ليس صحيحاً، وإنما هو ادعاء تم إبطاله بالإجابة عن كل الأسئلة التي يمكن أن تطرح من الجمهور في مثل هذه الحالات، وبتوفير معلومات تفصيلية لما دار في ذلك الاجتماع وكيف أن الإيرانيين «ركبوا رأسهم»، وأرادوا أن يفرضوا أمورا ليست من حقهم وبعيدة عن مناسك الحج. إصرار إيران على منح التأشيرات لحجاجها من داخل إيران أرادت منه أن يكون سبباً في تأليب الشعب الإيراني والشيعة عموماً على السعودية لأسباب لم تعد خافية، وكذلك مطالبتها السماح لحجاجها «بإقامة دعاء كميل ومراسم البراءة ونشرة زائر»، فهي تعلم أن السعودية لن توافق عليها لأنها – كما جاء في البيان – تجمعات تعيق حركة بقية الحجيج.اشتراطات إيران وإصرارها على الاستجابة لمطالبها التي لا علاقة لها بمناسك الحج واتخاذها قراراً بعدم السماح بإرسال الحجاج الإيرانيين هذا العام بذريعة أن الوقت فات ليس إلا وسيلة للضغط على السعودية ومحاولة إحراجها، وهو أمر مكشوف ولا يمكن لإيران أن تضحك به على عقول العالم خصوصاً بعد إصدار السعودية لبيانها الذي احتوى تفاصيل مهمة، وبعد أن أصدرت الأمانة العامة لمجلس التعاون بيانها الذي «استنكرت فيه المحاولات الإيرانية الهادفة إلى تسييس فريضة الحج واستغلالها للإساءة إلى المملكة العربية السعودية» وتأكيدها أن إيران تسعى إلى «تسييس فريضة الحج من خلال وضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق نهائي ينظم قيام الحجاج الإيرانيين بأداء فريضة الحج للموسم القادم». «الحج فريضة دينية مقدسة لدى جميع المسلمين ولا ينبغي ربطها بالمواقف والخلافات السياسية بين الدول». هكذا صرح أمين عام مجلس التعاون، وهكذا تقول وزارة الحج والعمرة في السعودية، وهكذا يقول الإسلام، وهكذا يقول كل عاقل في العالم أجمع. إيران حاولت من خلال ذلك أن تلعب لعبة لكنها فشلت، وإصرارها على عدم التعاون وعدم السماح لحجاجها بأداء المناسك هذا العام ذنب في رقبتها عليها أن تتحمل وزره، وإلا فإن الحق هو أن تتراجع عن قرارها الظالم للحجاج الإيرانيين، فليس كل موضوع يمكن ربطه بالسياسة، وليس بهذه الطريقة يمكنها تأليب الناس ضد السعودية.