تخطو البحرين منذ سنوات خطوات نحو التقدم والتطور في جميع مؤسساتها التربوية والصناعية والاقتصادية بغاية تحقيق إنتاجية أعلى وأفضل وذلك بالتوجه نحو عنصر «الجودة» كقيمة جوهرية في النجاح فما هي أفاق الجودة؟ وبماذا تعنى؟ هل معاير الجودة هي معاير عالمية أو محلية؟ كيف تتحقق الجودة وماذا تحمل في أفقها؟ أسئلة كثيرة تتمحور حول الجودة يقودنا إليها الدكتور «راشد صقر الجلاهمة» في كتابة «ضفاف الجودة « الذي قدمه بمثابة دراسة أكاديمية تحمل معاير البحث العلمي في الطرح إلى جانب الطابع السردي للتجربة الشخصية للكاتب من خلال مراحل الدراسة.الكتاب يطرح الجودة كمفهوم ونشأة ذات طابع شمولي وتنظيمي من خلال طرح بعض المفاهيم الجديدة ذات المعنى الاصطلاحي كمفهوم «الجودة الشاملة» الذي يعرفها الكاتب على أنها «تكوين ثقافة بارعة ومبدعة في الأداء» يقدم من خلالها الجودة على أنها «ثورة من أجل التطوير الفكري وعلم تنظيمي هدفه التحسين والتجويد للأداء بأقل التكاليف» ليعرض الكاتب في بداية بحثه الجودة في المنظور الإسلامي وكيف أن الدين الإسلامي طرح الجودة كأصل من أصول إتقان العمل وهذا ما ورد في آيات كثيرة وأحاديث نبوية استدل بها الكاتب في بحثة ليؤكد على أن الجودة كمعنى جوهري في حسن الأداء لم تقتصر على المفهوم الغربي فقط وليست بجديدة على الثقافة العربية ولكن الفرق يكمن في آلية التوظيف للمفهوم ما بين ثقافة غربية أصلة لمفهوم الجودة على أسس علمية وثقافة عربية التفتت متأخرة لمفهوم الجودة الشاملة. ليواصل بعدها الكاتب وفي سياق السرد التاريخي لنشوء مصطلح الجودة شرح قناعاته التي مفادها «أن الجودة تعد المفتاح الحقيقي للنجاح والتفوق في ميادين الإنتاج والخدمات» هذا المعنى الذي يرجع في أصوله إلى مصطلح «ضمان الجودة» الذي ظهر في مختبرات «بيل للهواتف» التي استطاعت أن تحدث تطوراً كبيراً فيما يسمى «بدوائر رقابة الجودة» التي تقوم على تكاتف العاملين مع أصحاب العمل ومؤسساتهم على تقديم المنتج الأفضل وهذا ما ظهر جليا في القرن العشرين حيث التفتت اليابان لهذه القيمة الفاعلة لمعنى ومفهوم «دوائر رقابة الجودة» لتأسس لما يسمى «بالجودة الشاملة» التي يشرح الكاتب مراحل تطورها عبر أربع مراحل هي مرحلة الفحص ومرحلة ضبط الجودة ومرحلة تأكيد ضمان الجودة وأخيراً مرحلة إدارة الجودة الشاملة، حيث تؤسس هذه المراحل المفاهيم العامة التي تعرف في كل جزء منها المفهوم الشامل «لإدارة الجودة الشاملة». لماذا الجودة؟ ظل هذا الهاجس يلاحق الكاتب في رحلته الأكاديمية الساعية الى تقديم ما هو جديد ليقف بنا عند فلسفة «الجودة الشاملة» «كثقافة تنظيمية» حيث طرح الكاتب مفهوم الجودة كنسق له علاقة في البنية الاجتماعية والعلائق الإنسانية التي تجسد الثقافة العامة والتي تنقسم بدورها كثقافة غير متجانسة تبعاً للنوع ما بين ثقافة قوية وأخرى ضعيفة أو مثالية وإبداعية وما بين الثقافة التكيفية والبيروقراطية تتعدد الأنواع وتنشأ الأدوار حسب حجم القيمة التي ترتبط في الجودة. ليستعرض الكاتب في نهاية المطاف بعض المعاير التي يرى من وجهة نظره أنها تؤسس لنموذج التميز الإداري والداء الإبداعي المؤسسي والتي أهمها: -_القيادة والاستراتيجية الإدارية _الموظف الإداري _العمليات الإدارية_ نتائج ومؤشرات الأداء الدقيقة_ عمليات التطوير المستمرةأخيراً:اختتم أنا عرضي هذا بالكلام عن الأهمية التي ينطلق منها هذا الكتاب هذا وأننا الآن وفي سياق التوجه العام لما يسمى بجودة الأداء في الخطة العامة لجميع مؤسسات المجتمع حيث بات حديث الجودة على لسان الجميع ما بين مؤيد ومعارض ما بين رافض وآخر داعي للجودة وتطبيق معايرها الأمر الذي يعكس مدى ضرورة الطرح الخاص بمفهوم الجودة على أرض الواقع كممارسة فعلية لا كرسالة تبشيرية.