من الاستحالة بمكان اليوم أن يتحقق أي إنجاز مؤثر دون أن يكون وراءه جهود مبذولة، وبالضرورة ستجد وراء هذه الجهود قيادة ذكية. ولماذا نقول ذكية وليست قوية؟!ببساطة لأن معيار القوة بدون الذكاء الإداري لا يمكن أن ينتج عنه عمليات قائمة على استراتيجية صحيحة، فكلكم يعرف المثل الذي يقول إن «العضلات دون العقل لا تحقق نصراً ذكياً». نعود للقيادات الذكية، فالصحيح اليوم في علم الإدارة بأن النجاح يكون مرهوناً بنوع القيادة في القطاع، هي التي تصنعه من أساسه من خلال عملية التخطيط ورسم الاستراتيجيات، واستقطاب الكفاءات المؤهلة، والأهم تطبيق كافة ممارسات الإدارة الصالحة. وبالحديث عن الإدارة الصالحة كمصطلح إداري متقدم، والذي هو في الأساس الممارسة الصحيحة المفترض أن تكون قائمة منذ البداية، فإنها هي التي تمثل الفارق في العمل وتحقيق النجاح. بالتالي صحيح ما نقوله بأن القيادة الذكية الصالحة هي العامل الذي يمثل الفارق النوعي في العمل. ولذلك فإنها معادلة صحيحة تلك التي تقول إن الفرق أو الفارق في القيادات هو يمثل العامل الحاسم للنجاح والتميز. هنا فقط لابد من التنبيه بأن ليس كل مسؤول يتبوأ منصباً رفيعاً يمكن أن يكون قائداً ناجحاً يتمتع بمواصفات القائد الذي يطبق الإدارة الصالحة. لدينا للأسف حالات وممارسات تكشف العكس في قطاعاتنا، تبين بأن لدينا نماذج وأمثلة على الإدارة الضالة وسوء تدبير أمور العمل. الضلال في الإدارة لا يعني أن المسؤول فاسد أو فاشل، لكنه معني بطريقة إدارته للقطاع وللبشر، وأخطر ما يقع فيه هذا المسؤول أن يكون عرضة لآفات الكرسي والمنصب، والتي أولها تأتي من خلال تمكين المتملقين والبطانة السيئة، والأخطر توليتهم المناصب والمسؤوليات، والأدهى أن تأتي هذه المسؤولية الممنوحة لهم مع قوة إدارية تمنحهم فرصة اللعب في مقدرات الموظفين، واستهداف الكفاءات وتهميش الطاقات، هنا القطاع برمته سيضيع، واللائمة الأولى والأخيرة تقع على عاتق المسؤول الأول، فهو رب الدار الذي لا يجب أن يكون على الدف ضارب، بل أن يكون للإدارة الصالحة «عراباً». لذا نرى في بعض القطاعات مؤشرات السعادة الوظيفية في أعلى مستوياتها بسبب أن المسؤول الأول هو أشد الحريصين على استتباب الأمن الإداري وإشاعة أجواء العدالة وحماية الكفاءات وتطويرها، وسد الأبواب أمام المتمصلحين والمتملقين، بل الحرص على أن هذه الفئة إما تصلح من نفسها أو يستغني عنها، أو تظل دون أن تقوم لها قائمة. تذمر الموظفين وشكاواهم في أي قطاع تكون حينما تطغى ملامح الإدارة الضالة على ملامح الإدارة الصالحة، حينما تنحرف الممارسات الإدارية عن تحقيق هدفها الرئيس بتطوير القطاع لتتجه لخدمة أفراد ومصالح وكراسي، وكل ذلك على حساب العمل والمصلحة العامة. تريد أن تطور قطاعاً.. اذا ينبغي أن توكل المسؤولية لمن يمتلك مقومات الإدارة الصالحة، من يحقق بإدارته أهداف القطاع، ويطور البشر ويقودهم لتحقيق النجاحات وحتى المعجزات. الله ينعم علينا بالقيادات التي تُمارس الإدارة الصالحة وتتخذها منهجاً لها، وأن يوفق من منهم يعمل على هذا الخط، وأن يبعد عنا أي مسؤول دمر قطاعه ونفسية البشر.
Opinion
الإدارة الصالحة.. والإدارة الضالة!
21 مايو 2016