هناك أمر آخر ينبغي أن يتم قبل حلول شهر رمضان المبارك وخلاله ويستمر خلال أيام عيد الفطر السعيد، على الأقل، وهو ضرورة وقف التحريض الذي يقوم به أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج، واعتبروا ما يقومون به دوراً وطنياً، فهذا العمل يجب أن يتوقف خصوصاً، وأن الذين يمارسونه لا يعانون مثل ما يعاني منه الناس الذين يستهدفونهم في الداخل. لو كان المحرضون من الخارج يعنيهم أمر الذين يتم تحريضهم في الداخل فإن عليهم، على الأقل، أن يتركوهم يعيشون الشهر الكريم بالكيفية التي ينبغي أن يعيشوها فيه، فرمضان شهر عبادة وشهر تواصل اجتماعي، وليس من اللائق تلويثه بمثل تلك الممارسات التي تؤثر على حياة الناس سلباً وتقلقهم، أياً كانت الأسباب. ولكن من الذي عليه أن يمنع أولئك من القيام بعملية التحريض؟ وكيف يمكن منعهم؟ أما الجواب عن السؤال الأول فهو الجمعيات السياسية «المعارضة» التي تعمل في الداخل وترى ظروف الناس وترى تأثير ذلك التحريض على حياتهم وعلى المجتمع، وأما الجواب عن السؤال الثاني فهو باتخاذ موقف واضح منهم يتم إعلانه وتخييرهم بين أن يعملوا معهم لما فيه مصلحة المواطنين والوطن أو يواجهوا أكثر من طرف، فما يقوم به أولئك يخرب دونما شك الكثير مما تقوم به الجمعيات السياسية ويضعف موقفها ويقلل من منطقها.ليس في هذا الذي ينبغي أن تقوم به الجمعيات السياسية شقاً لصفوف «المعارضة» فأهداف أولئك تختلف عن أهدافها، هم يرفعون شعار إسقاط النظام والجمعيات السياسية تقول إنها لا ترمي إلى هذا وإنما تطالب بالإصلاح وتسعى إلى تحقيق مكاسب للمواطنين، وهذا فارق يكفي لتقف الجمعيات السياسية موقفاً سالباً من أولئك المحرضين من الخارج وتعمل على توعية المستهدفين من هذا الذي يقومون به والذي لا يتضرر منه إلا «البسطاء». لو كان أولئك يسعون فعلاً إلى مصلحة المواطنين في الداخل فإن عليهم أن يتوقفوا عن ممارسة التحريض والذي يوظفون له كل ما هو متاح من وسائل وخصوصاً التواصل الاجتماعي، فمن يريد مصلحة المواطنين لا يتسبب عليهم ولا يحرمهم من أن يعيشوا شهر رمضان المبارك كما ينبغي أن يعيشوه، ومن المهم ألا ينسوا أنهم قابعون في خانة التنظير وبعيدون هم وعيالهم عن كل أذى يمكن أن تتسبب فيه تصريحاتهم وتعليقاتهم وتغريداتهم وما يبثونه من سموم عبر الفضائيات «السوسة» التي تستضيفهم يومياً والتي تنفذ أجندة ملزمة بتنفيذها وضعها أناس هدفهم زعزعة الأمن في دول الخليج العربي وفي البحرين بشكل خاص. مهمة وقف أولئك عن التحريض، في شهر رمضان على الأقل، مهمة الجمعيات السياسية «المعارضة» وخصوصاً جمعية «الوفاق» التي عليها أن تستفيد من الشهر الكريم بشكل آخر يعود على المواطنين بالنفع ويؤدي إلى تهدئة الساحة و»تبريدها»، وخطوة منعهم من مواصلة ذلك لو قامت بها الجمعيات السياسية فستكون في ميزان مواقفها الموجبة وستقدرها الحكومة لأنها خطوة في الاتجاه الصحيح.بالتأكيد فإن البعض غير القليل من المستهدفين لم يعودوا يستجيبون لتلك التحريضات، بل لم يعودوا يحبون سماعها خصوصاً من تضرر منهم بسببها ومن صار يعرف اللعبة وكيف تدار، لكن أولئك لا يزالون قادرين على التأثير على الكثيرين من الذين تم غسل أدمغتهم وتصوروا أن أمر تسلم السلطة سهل يسير طالما أن مسؤولين بهذه الدولة أو تلك قالوا ذلك. المحرضون من الخارج يرفعون شعارات جميلة تنادي بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنهم أول من يقف عملياً ضد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لو تبين لهم في لحظة أنهم يتضررون منها، فهم لا يسعون إلا إلى مصلحتهم ومصلحة من يقف وراءهم ويدعمهم.