من الخطأ أن يتم التعويل على تجربة أو عملية أو أي نتاج متمخض عن احتلال ونفوذ أجنبي، على أية دولة في أي مكان كانت في عالمنا هذا، ذلك أن الاحتلال هو بحد ذاته باطل، ومنطقياً فإن ما قد بني على باطل فهو باطل، ومن هنا فإن الحديث عن الأوضاع في العراق هو حديث طويل وذو شجون، لا يتسع له هكذا مجال ضيق، غير أننا نرصد ذلك بحكم علاقتنا الصميمة، ومتابعتنا المستمرة لأوضاع هذا البلد الذي كان يوماً قلعة للعروبة والإسلام، وحاله اليوم يشجي القلب ويقذي العين!العملية السياسية الحالية في العراق، والتي يشرف عليها نظام «ولاية الفقيه» في إيران الذي كان يحلم بهكذا ظرف ووضع استثنائي يتصيد خلاله وكما يشاء في المياه العكرة، فالعملية السياسية وكما هو واضح للجميع ولاسيما المتابعين للشأن العراقي والمختصين به، عملية فاشلة جملة وتفصيلاً، حيث إنها لم تساهم بتقديم أي جديد للواقع العراقي المتداعي على بعضه وإنما دفعت بالأوضاع من سيء إلى نحو الأسوأ بكثير، بحيث يمكننا القول وللأسف البالغ إن هذه العملية الفاشلة قد جعلت من ليل الشعب العراقي المجيد نهاراً ومن نهاره ليلاً.نحن لن ندخل في تفاصيل ومتعرجات وثنايا الأهداف والغايات من وراء احتلال العراق، لكننا نجزم وبكل ثقة ويقين من أن واشنطن ولندن قد قدمتا العراق وعلى طبق من ذهب إلى نظام «ولاية الفقيه» الذي كان يحلم بأن يكون له موطئ قدم في العراق وإذا به وللأسف البالغ يصبح من يمتلك زمام الأمور في هذا البلد العربي الأصيل، ويضع كل اهتمامه في تغيير هوية العراق العربي وإبعاده عن محيطه وواقعه العربي، وهو الأمر الذي نشهده في سوريا ولبنان وحتى اليمن، ذلك أن هذا النظام يتطير ويجن جنونه من كل ماهو عربي ويمت للعروبة بصلة، وإننا نشعر بالأسى والحزن والألم مما يلم بعاصمة العروبة والإسلام وبلد المجد التليد في غمرة صمت وتجاهل عربي وإسلامي لما يجري فيه، من دون أي موقف مسؤول يواجه التحركات والنشاطات الإيرانية المشبوهة في بلاد الرافدين بمستوى التحدي القائم.مايمزق نياط القلب ويبعث بالأسى في أعماق نفوسنا، هو أننا نشهد وبكل وضوح عملية احتلال إيرانية سافرة للعراق وبمباركة غربية مشبوهة من أجل أهداف وغايات لا تبعث على الراحة والاطمئنان، وإن الذي يجري اليوم في العراق، هو برأينا حالة من التخبط والضياع والتمزق التي تعصف بهذا البلد، وقطعاً فإننا لا نعقد الأمل على ما يجري لأنه يسير وفق السيناريو الإيراني المشبوه، لكننا نلفت النظر إلى صوت الشعب العراقي الشريف الذي سيقرر بعون الله ومشيئته مصير العراق الواحد الموحد ومستقبله وليس دهاليز وأقبية طهران.العراق الذي كان القلب النابض للعروبة والإسلام وكان يحمل رايات الأمل والرجاء للأمة العربية برمتها، يواجه اليوم ظروفاً وأوضاعاً عصيبة وصعبة وبالغة التعقيد، لكننا ومع ملاحظاتنا لما يجري في العراق فإننا نراهن على الأصل والأساس والذي يتجلى في الميول والنوايا العروبية والإسلامية الأصيلة للأكثرية الصامتة من الشعب العراقي.اقتطاع العراق من العروبة والإسلام أشبه ما يكون بإخراج السمكة من الماء، فالعراق كان وسيبقى رمزاً وعنواناً للعروبة وبئس الذي يراهن ويسعى لإخراجه من واقعه ومحيطه الأساسي، حيث إن العراق كان وطوال مراحل التاريخ رمزاً ونبراساً وقبساً للعروبة وخسأ الذين يسعون خلاف ذلك، تماماً كما يفعل نظام «ولاية الفقيه» الذي هو الشر الأكبر المحدق بالعراق وشعبه، وإن إهمال وتجاهل هذا الأمر يعني فيما يعني بأن المنطقة والعالم على حد سواء يسلمان مصيرهما لمجهول، فالعراق كان قفلاً ومفتاحاً للمنطقة والعالم وإن تجاهل ما يحدق به من تهديد وخطر من شأنه أن يهدد ليس الأمن والاستقرار في المنطقة وإنما في العالم بأسره.* الأمين العام للمجلسالإسلامي العربي في لبنان