دعوة مرشد إيران علي خامنئي خلال الدورة الثالثة والثلاثين لمسابقة القرآن الكريم الدولية الشعوب الإسلامية إلى الوقوف في وجه الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها في المنطقة ضمّنها اتهامات للشقيقة الكبرى، من دون أن يذكرها بالاسم حيث أشار إلى أن «بعض الدول الإسلامية خانت الأمة وتمشي وراء الطواغيت بدلا من القرآن الكريم»، وأعاد من خلالها ما ظلت إيران تردده طوال العقود الأربعة الأخيرة وتحاول جاهدة ترويجه وبيعه على الفقراء والتي ملخصها أن الولايات المتحدة هي «الطاغوت الأكبر» و»الشيطان الأكبر»، وأن سياستها تتلخص في خلق العداء بين الشعوب المسلمة وجعلها تقف في وجه بعضها البعض، وأن سبب عدائها لإيران هو تمسك الشعب الإيراني بمطالبه، وأن «المستكبرين يعملون على إسكات صوت المسلمين للتعتيم على قضية فلسطين وإبعادها عن أذهان مظلومي العالم». أما المخرج من ذلك فيكون – حسب رأيه – بأن «تقف الشعوب المسلمة في وجه تلك السياسات وتزيد من الأنس ما بينها». وبالطبع لم ينس المرشد ترديد القول الإيراني المأثور والمعبر عن إيران والذي ملخصه «لا نخشى تهديدات الأعداء ولا تغرينا وعودهم»، و»أن جبهة الكفر سترضخ أمام جبهة الأمة الإسلامية وتتراجع». طبعاً كل من يسمع أو يقرأ هذا الكلام يسهل عليه أن يقرر بأن «إيران هي حامي حمى الإسلام وأن من يريد النجاة فعليه أن يسمع كلام ملاليها ويسير في دربها ويركب في سفينتها، فإيران وحدها التي تعرف نوايا الولايات المتحدة، وإيران وحدها التي تعرف مصالح الأمة الإسلامية وتحرص عليها، وإيران هي المنقذ لهذه الأمة، وليست السعودية و»عواصفها الحازمة» . كل المسؤولين الإيرانيين يرددون هذا الكلام، ومع هذا، لم تتردد إيران عن إجراء محادثات سرية مع «الشيطان الأكبر» لفترة طويلة حتى توصلت إلى الاتفاق الخاص بملفها النووي، وأزالت على إثره هذه العبارة وعبارة «الموت لأمريكا وإسرائيل» من المساجد والطرقات، فما حصلت عليه بسبب ذلك الاتفاق الذي ظل بعضه سرياً يستوجب كل ذلك، وغير ذلك. للمرة الألف أقول إن إيران تعتقد أن العالم يعاني من مستوى ذكاء متدن يمكّنها من بيع كل شيء عليه، فلا ينبري أحد ليسأل مثلا عما فعلته لفلسطين التي ترفع شعار الدفاع عنه وتعتبره من «الشعوب المضطهدة المظلومة»، ولا يسألها أحد عن الذي تفعله في الدول التي تهرب إليها الأسلحة وتدرب أبناءها على السلاح في معسكرات في إيران ولبنان وسوريا وغيرها، ولا يسألها أحد عن الدور الذي تمارسه في لبنان وفي سوريا ولا عن وضعها في العراق الذي صارت تديره بـ «الريموت كنترول»، ولا عن علاقاتها بالحوثيين الذين تسببت عليهم ودمرت بلادهم.ليست إيران حامية حمى الإسلام ولكن المملكة العربية السعودية، وليست إيران هي التي ستحرر فلسطين ولكن أهلها والعرب، وليست إيران هي من يمكنها أن تنتصر لـ «الشعوب المضطهدة والمظلومة» لأنه لا يمكن لحكومة تضطهد شعبها وتظلمه أن تنتصر لشعوب أخرى ينطبق عليها هذا الوصف، وليس العرب هم من يمكن أن تبيع إيران عليهم بضاعتها الكاسدة وتضحك عليهم، فالعلاقات التي تربطها بالولايات المتحدة وإسرائيل والدول التي تعتبرها «شياطين كبار ومستكبرين» تفضحها، وممارساتها المناقضة للشعارات التي ترفعها تفضحها، وأقوالها التي لا ترجمة لها على أرض الواقع تفضحها. ليست السعودية التي خانت أمتها، وليست السعودية التي تمشي وراء الطواغيت، وليست السعودية التي هجرت القرآن الكريم وتاجرت في سوره وآياته، ولكن إيران هي التي فعلت ولا تزال تفعل كثيراً من هذا، وغيره. السعودية أثبتت وتثبت في كل يوم بأنها هي من يستحق أن يقود هذه الأمة، وليست إيران.
Opinion
السعودية وليست إيران
25 مايو 2016