لم يترك الفرس على طوال خط سير علاقتهم مع العرب فرصة تمكنهم من إهانة العرب وإذلالهم إلا واغتنموها، بل هم يعملون على صناعة هذه الفرص، قبل عشر سنوات وجهوا أكبر إهاناتهم للعرب وهاهم على أبواب توجيهها مرة ثانية، فهل سينتظر العرب تلقيها أم أنهم لن يسمحوا بوقوعها؟لم يكن أتباع «الولي الفقيه» في العراق متعطشين لسفك الدماء والقتل كما هم اليوم، ولم يكن مؤيدوهم في حالة من الحقد والغل على العرب المسلمين كما هم اليوم، سبع عشرة ميليشيا شيعية تابعة لنظام «ولاية الفقيه» تحشد عصاباتها وأسلحتها وتقف على أبواب الفلوجة المحاصرة من الداخل على يد تنظيم الدولة «داعش»، ومن الخارج على يد ميليشيات حكومة الفرس في العراق، لتنهال عليهم بصواريخ الحقد التي لم تستطع إخفاء كونها صواريخ الثأر والانتقام للفرس وذيولهم، فكتبت أسماءهم عليها بدءاً من قاسم سليماني ومروراً بالإرهابي نمر النمر، وصولاً لصغار قادة الميليشيات في العراق، لتجعل من ليل المدينة الجائعة الأسود نهاراً مشتعلاً بنيران الحقد مليئاً بالدم، وسط مطالبات جمهور مؤيد للميليشيات بحرق المدينة وتهديمها كاملة واغتصاب النسوة اللاتي يبقين على قيد الحياة وعدم ترك حتى الأطفال على قيد الحياة، دون خجل ومن خلال وسائل الإعلام المتاحة، فلماذا كل هذا الحقد والتهويل؟مع أن جماعة «داعش» تتواجد في الموصل أكثر من تواجدها في أي مكان آخر، ومع أن جيش حكومة الفرس دخل قبل مدة مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار إلا أنهم لم يفعلوا أو يحشدوا كما حشدوا اليوم على الفلوجة، وهي في محافظة الأنبار، ويعود ذلك لأسباب، أولها أن قرار اقتحام الفلوجة قرار سياسي أكثر منه قرار عسكري، فالخلاف الشيعي الشيعي وصل حداً إن لم تتداركه إيران فمن الممكن أن يعصف بمشروعها في العراق، وربما لو وصل إلى الجمعة القادمة بدون حل، فقد يصل إلى مذابح شيعية شيعية، فوجهوا هذه الجماعات إلى الفلوجة تحت شعار «قتل العرب السنة يوحدنا»، وبذلك تبعد الميليشيات عن بغداد، وثانيها متعلق برمزية مدينة الفلوجة فهي مدينة تسكنها القبائل العربية السنية، وتسمى أم المساجد لكثرتها في المدينة ولا شك في أنها رمز للعرب السنة، وأي ضربة لهذه المدينة تعد ضربة للعرب السنة في كل مكان، يضاف لذلك أن أمريكا مع أنها عارضت من قبل اشتراك الميليشيات الشيعية في معارك الرمادي إلا أنها الآن تقول إن اشتراك هذه الميليشيات في قصف واقتحام الفلوجة شأن داخلي فهي توافق على تدمير وقتل أهل هذه المدينة التي أذاقتهم المر من قبل.لقد أهان الفرس وبمعاونة الأمريكان، العرب أول مرة، قبل عشر سنوات، عندما سلموا لهم الرئيس العراقي صدام حسين ليعدموه في أول أيام عيد الأضحى بشكل مقصود، والفرس كانوا يعدونه رمزاً للعرب، حتى وإن لم يتفق العرب على هذا الأمر، واليوم تسلم أمريكا الفلوجة للفرس، وإذا كان العرب لا يعتبرون أنها تمثل رمزاً للعرب فالفرس يعدونها كذلك، ويسعون لاستباحتها ليهينوا العرب كلهم، فهل سيقبل العرب بالإهانة مرتين؟
Opinion
أيها العرب.. لا تسمحوا بالإهانة مرتين
25 مايو 2016