استيقظ العرب وقد أصبح لكل فرد منهم صحيفته الخاصة، لكنهم لم يحسنوا استخدامها ولم يعرفوا كيف يتعاملون معها، ولم يجيدوا التصرف في كيفية طرح أفكارهم وقضاياهم عبرها بالشكل اللائق، فكانت صحيفتهم مليئة بالشتائم والخرافات والأوهام، حتى ضاع الوقت وضاع معه كل جهدٍ كان يمكن أن يكون منارة لنشر الوعي وتسويق قضايانا بالشكل الذي يغير وجه العالم أو على أقل تقدير سيء يغير نظرة الآخرين نحونا.«تويتر» هو من أبرز وأهم الصحف الشخصية التي يملكها الإنسان العربي وغير العربي في وقتنا الراهن، كذلك الحال مع «فيس بوك»، و»انستغرام»، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر من أكثر المواقع تأثيراً في تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات في وقتنا الراهن، فكل مواطن عربي في هذا العصر يملك أحد أنواع هذه الصحف الشخصية وبعضهم يملكها كلها، ومع ذلك نجد أن غالبية العرب لم يُحسنوا استغلال هذه الصحف الشخصية بالشكل الصحيح، وبدل أن يقوموا بطرح أفكارهم ومشاريعهم السياسية والعلمية والثقافية بشكل حضاري للآخر المختلف عبر تلكم المواقع، وجدناهم يملأونها بالسباب والشتائم والسخرية والتسقيط وفتح جبهات لمعارك هامشية قضت على الكثير من وقتهم وجهدهم وقضاياهم.جولة سريعة في «تويتر العرب» ستكشف لنا الكثير من الفوضى والتخبط في استخدام واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي والتي نطلق عليها اليوم «الصحف الشخصية»، بالصورة التي يجب أن تكون، وهذا يعطينا انطباعاً حقيقياً بأننا كعرب مازلنا غير قادرين على الانخراط مع العالم المتحضر في استغلال كافة وسائل الإعلام الحديثة للترويج لقضايانا المصيرية بالصورة المطلوبة، فكان التخبط في مواقع التواصل الاجتماعي سمة عربية بامتياز، وهذا الأمر من المخاطر المؤكدة على طريق المستقبل.يجب على العرب - أفراداً وجماعات وحتى دول - أن يستثمروا بالحد الأقصى كل الإمكانيات الإعلامية المتاحة في فضاءات الإعلام الحديث لتسويق مشاريعهم السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، لا أن يستخدموا هذه المنابر العالمية للتسقيط والتخوين وخوض معارك جانبية على حساب معركة الوطن العربي، أو أن يكون أكبر طموحٍ عند الكثير منَّا في «تويتر» هو إبراز مقدرتنا على سب الآخر، بدل أن يطرحوا أفكارهم مقابل فكره، أو أن يكون «تويتر» وغيره عند بعضنا متنفساً لانفعالاتنا الشخصية التي لن تسمن ولا تغني من جوع في ظل تبني معركتنا الكبيرة.هذه الحالة تعبر عن إحباط كبير قد يصيبنا، حين نتأكد أن العرب مازالوا في بداية الطريق فيما يتعلق باستثمار كل المنتجات الحضارية على طريق النهضة والتنمية، بل الأدهى من ذلك هو أننا لم نستثمر تلكم المنتجات في الطريق الصحيح حتى رأينا أنفسنا خارج سياق كل المعادلات الدولية الكبيرة، سواء على صعيد السياسة أو الاقتصاد وآخرها الإعلام، والفضل في ذلك يعود لسذاجتنا في استثمار كل الفرص التي يجب أن تُستغل لطرح منتجاتنا في سوق الإعلام المجانية لكننا لم نفعل، واستعضنا عنها برخيص الكلام وتفاهة الطرح حتى وجدنا أنفسنا خارج الزمن، ليكون الرجوع إليه من أصعب المهمات التي ربما فات أوانها.